نص: كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال لقائه بأبناء الحديدة 1443هـ
حياكم الله وأهلاً وسهلاً ومرحباً.
نرحب بكل الإخوة الحاضرين جميعاً من علماء ووجاهات ومسؤولين وكل الإخوة المجاهدين وكل الإخوة الأعزاء الحاضرين جميعاً.
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أيُّها الإخوة الأعزاء الحاضرون جميعاً، وكل أبناء محافظة الحديدة عموماً
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
أنا سعيدٌ بهذا اللقاء معكم، والحديث إليكم، فأنتم أبناء هذه المحافظة العزيزة أحباؤنا وإخوتنا، نحمل لكم كل مشاعر المودة، والمحبة، والاحترام، والإعزاز، والتقدير، وأنتم في هذه المرحلة المهمة من تاريخ شعبنا اليمني العزيز، وفي ظل مواجهة العدوان، والتحديات، والصعوبات، والمخاطر، أثبتم وفاءكم لله “سبحانه وتعالى”، ووفاءكم لشعبكم، ولأمتكم، ولدينكم، ولقيمكم، ولمبادئكم العظيمة، فكنتم من خير أبناء هذا البلد في صبركم، وفي ثباتكم، وفي وفائكم، وفي إبائكم، وفي تضحياتكم، وخيبتم أمل الأعداء، الذين صدموا بما ووجهوا به من ثبات، من وفاء، من وعي، من صمود، من تضحيات، من صبر.
ونحن اليوم إذ نتحدث إليكم في هذه المرحلة المهمة، وقد قطعنا نحن وأنتم وكل الأحرار من أبناء بلدنا شوطاً كبيراً، ومراحل متعددة في التصدي للعدوان من جهة، وفي مواجهة الصعوبات والتحديات والمراحل العصيبة من جهةٍ ثانية، كل ذلك كان بمعونةٍ من الله “سبحانه وتعالى”، الذي كان لنا جميعاً الملجأ، والمعتمد، والمستند، عليه توكلنا، وإليه أنبنا، وبه اعتصمنا، إليه التجأنا في كل الأحوال، في كل الظروف، في مواجهة كل التحديات، وبه استعنا وهو خير معين، عليه توكلنا وهو نعم المولى ونعم النصير.
الحديدة- هذه المحافظة العزيزة بأهلها الأعزاء، والشرفاء، والأوفياء، والكرماء- عنوانٌ كبيرٌ في بلدنا كافة، عنوانٌ للمظلومية، ما عانت منه هذه المحافظة نتيجةً للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الغاشم والظالم على بلدنا بشكلٍ عام، وعلى هذه المحافظة بشكلٍ خاص، وما نتج عن ذلك من مآسٍ، من معاناةٍ كبيرة، من تضحياتٍ كبيرة.
العدوان الذي شنه التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي، ومن ورائهم الصهاينة الإسرائيليون اليهود، وما مارسه من جرائم وحشية بحق هذا البلد، وبحق هذه المحافظة الجريحة والمنكوبة والمظلومة، يسطِّره التاريخ، ويسطِّر أسود وأسوأ الصفحات لجرائم التحالف، كلنا يستذكر، وكلنا يعرف، وكلنا يعلم ما فعله تحالف العدوان بحق هذه المحافظة من جرائم إبادةٍ جماعية، من جرائم وحشية يندى لها جبين الإنسانية، من جرائم القتل الجماعي، والتدمير الممنهج، والاستهداف اليومي لأبناء هذه المحافظة في أسواقهم، في منازلهم، في مدارسهم، في مستشفياتهم، في مساجدهم، في طرقاتهم، من الاستهداف لكل المنشآت الاقتصادية، حتى للمتاجر، وحتى للأسواق، وحتى للخدمات العامة، وأيضاً ما تسبب به تحالف العدوان بحصاره من معاناةٍ معيشيةٍ صعبةٍ جداً، نتيجةً لإغلاقه الميناء، ومنعه لتدفق البضائع والاحتياجات التي كانت تأتي بشكلٍ رئيسيٍ إلى اليمن بشكلٍ عام من خلال ميناء الحديدة، كان ميناء الحديدة يوفر مصدر رزق كبير للكثير من أبناء هذه المحافظة،
إضافةً إلى ما يعانيه وعاناه الإخوة العاملون في مجال الصيد، والذي هو أيضاً مورد أساسي من موارد الرزق لأبناء هذه المحافظة، وما يعانيه الصيادون من اضطهاد، من قتل، من اعتقال واحتجاز تعسفي وظالم، ومصادرة، ومضايقة، واضطهاد… وكل أشكال المعاناة، فالمظلومية هي عنوانٌ بارز لأبناء هذه المحافظة، ولأبناء شعبنا بشكلٍ عام، ومظلوميتنا كشعبٍ يمني في هذه المحافظة وفي بقية اليمن، هي شاهدٌ عدلٌ، وشاهدٌ كبيرٌ، ومصداقٌ واضح لعدالة قضيتنا، نحن شعبٌ مظلوم، في الحديدة وفي كل اليمن، شعبٌ مظلوم بكل ما تعنيه الكلمة، وتحالف العدوان في معركته ضدنا، هو ظالم، ظالم؛ لأنه شن هذه الحرب بدون أي وجه حق، وبدون أي مبررٍ مشروع، وظالم؛ لأنه منذ اليوم الأول لعدوانه وهو يمارس الظلم، بل يمارس أبشع أنواع الظلم، وأكبر الجرائم يمارسها بحق أبناء هذا الشعب، في الحديدة وفي سائر البلاد، في سائر المحافظات، وتجلى ظلمه، ووحشيته، وطغيانه، وإجرامه بكل أنواع الجرائم، جرائم القتل الجماعي للناس بشكلٍ عام، للأهالي، للمواطنين، للرجال، للنساء، للتجمعات العامة في الأسواق، كم من الأسواق في محافظة الحديدة استهدفت بشكلٍ وحشيٍ وإجراميٍ وعشوائي؟ لقتل الناس بشكلٍ عام، كم ارتكب تحالف العدوان من جرائم بهذا الشكل، الاستهداف للمساكن بشكلٍ عشوائي، لا يبالي تحالف العدوان بأن يقتل من يقتل من أطفال، من نساء، من كبار، من صغار، من قتل الناس في منازلهم، في بيوتهم، الاستهداف بشكلٍ عام لكل مظاهر الحياة، استهداف إجرامي وحشي؛ ولذلك لأن تحالف العدوان يشن عدوانه بهدف احتلال البلد، والسيطرة على هذا الشعب، وبدون وجه حق، وبشكلٍ إجرامي ووحشي، وبشكلٍ فيه طغيانٌ واضح، ليس له أي صلة بالإسلام، وليس له أي صلة بمبادئ الإسلام، ولا قيم الإسلام؛ إنما هو تجسيدٌ حقيقي للتوجهات الأمريكية والإسرائيلية، ومسٌ شيطانيٌ إجراميٌ نتيجةً لولاء السعودي والإماراتي لأمريكا وإسرائيل، نتيجة ذلك التولي لأمريكا وإسرائيل، نتيجة بشعة، سيئة، جعلت من أولئك المجرمين طغاة، معتدين، آثمين، يرتكبون أبشع الجرائم وهم ينفذون المؤامرات الأمريكية والصهيونية على أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، وعلى بلدنا اليمن على وجه الخصوص.
أمام تلك الجرائم، ذلك العدوان الوحشي والإجرامي، تلك الممارسات الظالمة، تحرَّك أبناء هذا البلد، تحرَّكوا في محافظة الحديدة، تحرك أبناؤها الشرفاء الأعزاء والأحرار بكل ما يستطيعون للثبات في مواجهة ذلك العدوان، الثبات في الموقف، الصمود في الموقف، وصُدِم تحالف العدوان أمام وفاء أبناء هذه المحافظة لقيمهم، ومبادئهم الأصيلة، وانتمائهم الإيماني، تجلى قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله: ((الإيمان يمان)) في هذا العصر، وفي هذه المرحلة بهذا الصمود، وهذا الثبات المشرِّف لأبناء هذه المحافظة، ولأبناء هذا البلد تجاه ذلك العدوان؛ لأن الثبات في موقف الحق، والتصدي للطغيان، والوقوف بوجه الاستكبار الظالم، والعدوان الغاشم، هو من مبادئ الإيمان، من قيم الإيمان، من عزة الإيمان؛ ولذلك كان أبناء هذه المحافظة على مستوى عالٍ من الصبر، من الثبات، بينما كان تحالف العدوان يؤمِّل أنه بجرائمه الوحشية سيكسر إرادتهم، وسيحطم معنوياتهم، وأنه بنشاطه التضليلي الإعلامي والدعائي، سيغرر عليهم ويخدعهم، فيجد في هذه المحافظة بيئة مفتوحة متقبلة لاحتلاله وإجرامه، متقبلةً له بكل ما هو عليه من وحشية وطغيان، لكنه صدم بمستوى الوعي العالي لأبناء هذه المحافظة، وبمستوى صبرهم، رغم حجم المعاناة الكبير جداً، معاناة حتى في لقمة الخبز، معاناة في المعيشة، معاناة لانعدام الأمن، للاستهداف للناس في حياتهم بالقصف العشوائي، بكل أشكال الاستهداف، فصدم بحجم الصبر، الصبر الذي لا يأتي إلَّا بدافع الإيمان، والأمل في الله “سبحانه وتعالى”، والوعي بعدالة القضية، صبر عظيم، صبر جسَّد معنى قول رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”: ((الإيمان يمان))؛ لأن ((الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد))، فكل العالم من عدوٍ ومن صديق، شاهد صبر أبناء محافظة الحديدة، الذي هو صبر المؤمنين، صبر الأوفياء، صبر الشامخين، صبر الأعزاء والكرماء، صبر الأحرار والأوفياء، وكل العالم عرف بصمودهم، حتى العدو اندهش أمام هذا الصمود والثبات الأسطوري لأبناء هذه المحافظة، ومن وقف إلى جانبهم، ومن نزل معهم الميدان، ومن حضر معهم المعركة من أبناء هذا البلد، كل العالم اندهش من هذا الصمود، وهذا التفاني، وهذه التضحية، فالصبر والصمود والثبات والوعي العالي أصبحت عناوين بارزة، حاضرة، وقيم متأصلة ومتجذرة لأبناء هذه المحافظة الأوفياء والأعزاء.
وعبرنا كل تلك المراحل برغم التحديات الكبيرة، محافظة الحديدة كان الأعداء يقصفونها من الجو، ومن البحر، ومن البر، ويستهدفونها من الجو، ومن البر، ومن البحر، ويتآمرون على أبنائها بكل أشكال التآمر، ووفَّق الله “سبحانه وتعالى” أبناء هذه المحافظة بتجاوز تلك المراحل الصعبة والتحديات الكبيرة، ومنَّ الله “سبحانه وتعالى” برعايته العجيبة التي يرعى بها عباده المؤمنين، رعاية للمؤمنين، رعاية بالنصر، بالسكينة، بالتثبيت، بالتأييد، بدفع الأعداء، ومنَّ الله بالانتصارات الكبيرة، وكانت الدريهمي، من أهم النماذج التي سيخلِّدها التاريخ، كملحمة عظيمة، أسطورية، بطولية، إيمانية، من أهم الملاحم في الثبات، والتفاني، والصبر، ومثال عظيم لرعاية الله “سبحانه وتعالى” وتأييده العجيب.
ولذلك عبرنا كل المراحل الماضية التي وصل الأعداء فيها إلى حد اليأس والانكسار، بالرغم من إمكاناتهم الهائلة، وقدراتهم العسكرية الكبيرة، لكننا عشنا جميعاً ثمرة الالتجاء إلى الله، الاعتصام بالله، كما قال الله “تبارك وتعالى”: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}[الحج: من الآية78]، ثمرة ونتيجة الاعتصام بالله، وثمرة التوكل على الله “سبحانه وتعالى”، كما قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وكما قال “جلَّ شأنه”: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: من الآية3]، عشنا جميعاً ثمرة ونتيجة التوكل على الله، الالتجاء إلى الله، الاستعانة بالله “سبحانه وتعالى”، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: من الآية5]، عشنا نتيجةً عظيمة، لاحظنا معونة الله الكبيرة، بالرغم من حجم التحديات الكبيرة.
وفيما بقي، بمثل ما قد عبرنا كل المراحل الماضية، بكل صعوباتها، ومعاناتها، وتحدياتها، ومخاطرها، وعبرناها باعتمادنا على الله، وتجاوزنا تلك المراحل بثقتنا بالله “سبحانه وتعالى”، وتوكلنا عليه، وما لمسناه من رعايته، وما عشناه من رعايته وتأييده ونصره، تجاه الحاضر وتجاه المستقبل، من منطلق انتمائنا الإيماني نحن في هذا البلد، في كل محافظاته، في الحديدة وسائر المحافظات، شعبٌ شرفنا الله، وكرمنا الله، وأنعم الله علينا بانتمائنا الإيماني العظيم والمتميز والأصيل، ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))، شهادة شهد بها رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” الصادق الأمين، الذي يبلغ عن الله، الذي يستند فيما يقول إلى الوحي الإلهي “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، هو الذي قال: ((الإيمان يمان)).
ولذلك نحن في مواجهة كل التحديات، وكل الصعوبات، وكل المخاطر، وكل الأعداء، نعتمد من منطلق انتمائنا الإيماني على الله، وهذا مصدر قوة لا مثيل له أبداً، لا مثيل له أبداً، البعض قد يشعرون بالغرور نتيجةً لاعتمادهم على قوى كافرة، قوى مستكبرة، مثلما هو حال السعودي، وحال الإماراتي، عندما انطلقوا في عدوانهم على بلدنا اليمن انطلقوا بغرور؛ لأنهم يستندون على أمريكا، يعتمدون على أمريكا، يتحالفون مع إسرائيل، وكانوا يتصورون أن من يتحالف مع أمريكا، ويطبِّع مع إسرائيل، سيحقق لنفسه الظفر والنصر الحاسم والمؤكد في أي معركةٍ يخوضها، ويتصورون أنهم قد ضمنوا لأنفسهم المستقبل من خلال ذلك، ولكن تجلى فشلهم، وخابت آمالهم، وسقطت كل رهاناتهم.
ونحن من منطلقنا الإيماني لم نعتمد على أي أحد في هذه الدنيا إلا الله، كل أملنا كان بالله، كل رهاننا كان على الله، كل توكلنا كان عليه “سبحانه وتعالى”، نحن وأنتم في هذا البلد كلنا شعبٌ مستضعف، لكن أساس قوتنا ومصدر قوتنا هو اعتمادنا على الله القوي، على الله العزيز، الذي قال “جلَّ شأنه” في كتابه الكريم: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: من الآية47]، والذي قال “سبحانه وتعالى” في وعده المؤكد: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: من الآية40]، ولذلك نواجه في كل التحديات في الحاضر والمستقبل، وأمام كل الصعوبات، نواجه التحديات، والصعوبات، والأعداء كل الأعداء، والمخاطر كل المخاطر، ونعبر كل الصعوبات بكل أنواعها وأشكالها، من منطلق انتمائنا الإيماني، بالتوكل على الله، بالالتجاء إلى الله، بالاستعانة بالله “سبحانه وتعالى”، ومن خلال وعينا بضرورة الاستجابة العملية لله “سبحانه وتعالى”.
التجاؤنا إلى الله هو دعاء، هو صلاة، هو تضرع، هو ابتهال، هو خشوع، هو استغفار، هو إنابة، والتجاؤنا إلى الله “سبحانه وتعالى” هو طاعة، هو عمل، هو التزام، هو استجابةٌ عملية في مقام المسؤولية، والجهاد في سبيل الله، والتضحية في سبيل الله، والعطاء في سبيل الله، فهو انطلاقة واعية، فيها التجاءٌ بالدعاء، وتقربٌ بالعمل، وطاعةٌ والتزام، وتقوى لله “سبحانه وتعالى”، وإنابةٌ إلى الله “سبحانه وتعالى”، وأخذٌ بالأسباب العملية، كما كان يفعل رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، هو قدوتنا، هو أسوتنا، والله قال لنا في كتابه الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب: الآية21]، فنحن نقتدي برسول الله في انتمائنا الإيماني “صلوات الله عليه وعلى آله”، نجاهد اقتداءً به، وهو الذي قال له الله “سبحانه وتعالى”: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}، كما قال الله له: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}[النساء: الآية84]، كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}[التوبة: من الآية120].
أسوتنا رسول الله في الالتجاء إلى الله، في الاعتماد على الله، في التوكل على الله، في الثقة بالله، وفي الأخذ بالأسباب العملية وهو يتحرك “صلوات الله عليه وعلى آله” في كل مجال من المجالات، عندما وصل إلى المدينة المنورة شجَّع أهلها على الزراعة، وساهم حتى في زراعة النخيل معهم، وحثهم على زراعة النخيل، وزراعة الحبوب والقمح، عندما وصل إلى المدينة كانت أكثر الأسواق بأيدي اليهود، فخلصهم من سيطرة اليهود الاقتصادية، وشجعهم هم على التحرك والنشاط في الاقتصاد، وتمكَّن- بمعونة الله- من طرد اليهود بشكلٍ كامل، وطهَّر المدينة منهم، طهَّر جوارها منهم، ومكَّنه الله من الانتصار عليهم.
رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” بنى الأمة بناءً متكاملاً، أمةً تنطلق من منطلق الإيمان للتعاون على البر والتقوى، تتظافر جهود أبنائها، ويتعاونون يداً بيد، وكتفاً بكتف، في كل ما فيه الخير، في كل ما فيه الصالح العام، في كل ما هو تحت عنوان التقوى، وتحت عنوان البر، الأمة التي خاطبها الله بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2].
ولذلك تجاه كل الصعوبات المعيشية، الصعوبات في مواجهة الأعداء، الصعوبات في كل ظروف الحياة، نتحرك من منطلقنا الإيماني بثقة بالله، ونحن نرجو الله “سبحانه وتعالى”، ونرجو ما وعد به من الخير، نرجو فضله، نرجو رحمته، نرجو كرمه، وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وخير الرازقين، وذو الفضل الواسع العظيم، لكن نعي أن علينا أن نعمل، أن نعمل وأن نتعاون، أن تتظافر جهودنا.
ولذلك في هذه المرحلة المهمة يجب أن نتحرك في كل المجالات من المنطلق الإيماني، ونحن نأخذ بأسباب رحمة الله، وأسباب معونة الله، وأسباب نصره، وأن نستجيب استجابةً جماعيةً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2]؛ لأن بالتعاون نستطيع أن ننجز الأشياء الكبيرة، الأشياء العظيمة، الأشياء المهمة، في ظل بعثرة الجهود، وتحرك كل شخصٍ لوحده، تبقى النتائج محدودة وضئيلة، والإنجازات بسيطة ومتواضعة، لكن مع التعاون يحقق الله الخير الكبير للناس، في جهودهم المباركة، جهودهم في الخير، في العمل الصالح، فيما فيه المصلحة العامة، ومرضاة الله “سبحانه وتعالى”.
ولذلك نحث على الانطلاقة الإيمانية، نحث أنفسنا وإيَّاكم وكل أبناء شعبنا، وعلى مبدأ التعاون على البر والتقوى، في كل المجالات، في الحركة التثقيفية، والتوعوية، والتعليمية، والدورات الصيفية، من أهم ما نحتاج إليه في كل حالاتنا، وفي كل المراحل والظروف، هو: نشر الوعي بين أوساط المجتمع، ونشر التعليم للجيل الناشئ وللجميع، هذا يحتاج إلى تعاون من الجميع، كل الشخصيات العلمائية والثقافية، العلماء، والمثقفون والمدرسون، والاجتماعيون، الكل يحتاج إلى أن يساهم في نشر الوعي، وفي دعم نشر الوعي، وفي دعم التعليم ونشر التعليم؛ لأن هذا ميدان من أهم الميادين التي لابدَّ منها إيمانياً وحضارياً، لابدَّ منها للدين والدنيا، لابدَّ من نشر الوعي، لابدَّ من التثقيف، لابدَّ من النشاط التعليمي، لابدَّ من النشاط التوعوي، هذا يحتاج إلى تعاون من الجميع، تعاون بالنشاط نفسه، نشاط توعوي وتثقيفي وتعليمي، وتعاون أيضاً من الجانب الرسمي بكل إمكاناته، ولو أن إمكاناته محدودة في ظل ظروف العدوان والحصار، لكن بكل ما يستطيع، وتعاون مجتمعي، من الوجاهات، من الشخصيات الخيِّرة، في دعمها هذا العمل معنوياً ومادياً، والتشجيع عليه، هذا جانبٌ مهم؛ لأن جزءاً من معركة العدو هو بنشاطه التضليلي، بالدعايات، بالأكاذيب، بالعمل للاستهداف النفسي للناس، بزرع حالة اليأس والإحباط، بالسعي لتحطيم المعنويات، جزء كبير من معركة العدو هي معركة دعاية وإعلام وتضليل، هي معركة تثبيط وتخذيل، هي معركة زرع لليأس، وحالة من تحطيم المعنويات، هذه المعركة لابدَّ أن نخوضها بجدارة، بهدى الله “سبحانه وتعالى”، بالوعي، بالتعاون في هذا المجال، هذا مجال من أهم المجالات، ميدانه المساجد، والمدارس، والمجالس، والأنشطة المتنوعة على المستوى الثقافي والتوعوي.
لابدَّ أيضاً أن نهتم بالزراعة، جانبٌ مهم من أهم متطلبات الحياة، هو يلامس الحالة المعيشية، والتي يعاني فيها الناس من ظروف صعبة جداً، لكن لابدَّ من العمل، من الالتجاء إلى الله، من التضرع، من الإنابة، من الاستغفار، من الدعاء، ومن العمل.
الجانب الزراعي لابدَّ فيه من جمعيات تعاونية زراعية، وتكون جمعيات منظمة، يتولاها أمناء، صادقون، موثوقون، لإنعاش قطاع الزراعة في المجتمع، وأن يتعاون الجميع، شعبياً ورسمياً، وما شاء الله محافظة الحديدة من أهم المحافظات المهيأة للزراعة، والإنتاج الزراعي، الأراضي فيها متوفرة، المياه الجوفية فيها متوفرة، والبركة من الله كذلك متوفرة، يحتاج إلى عمل منظم، عمل يحظى بإرشاد زراعي، ويحتاج إلى تعاون، الجهد الشخصي يبقى محدوداً، وتبقى نتيجته محدودة، التعاون من خلال جمعيات تعاونية، ونشاط تعاوني، يمكن أن يتم فيه إحياء كثير من الأرضي، وحفر كثير من الآبار، وإذا اعتمد الناس أيضاً على الطرق الحديثة في الري الحديث، يقتصدون في استخدام المياه، ويستطيعون أن يعملوا للإنتاج الزراعي بكل المحاصيل الزراعية بأنواعها، وبحسب مواسمها، في كل موسم هناك محاصيل زراعية معينة، هي كلها تلبِّي الحاجة المعيشية للناس، هي غذاء، غذاء جعله الله للناس، ورزق جعله الله للناس، والقطاع الزراعي هو العمود الفقري للجانب الاقتصادي، الزراعة غذاء للمجتمع، وهي أيضاً تجارة، هي بضاعة، يبنى عليها نشاط اقتصادي واسع، تُحرِّك السوق، تُحرِّك اليد العاملة، تحد من البطالة، وهي غذاء يُشبِع الناس من جوعهم.
ولذلك يجب أن يحرص الجميع: الوجاهات، المختصون، الجانب الرسمي، الجانب الشعبي، لأن يتوجهوا في الجانب الزراعي بشكلٍ جاد، ومنظم، واهتمام كبير، وسيحل أيضاً مشكلة الفقر، مشكلة الفقر والبؤس والمعاناة الشديدة، إحياء القطاع الزراعي والنشاط الزراعي سيحد من مشكلة الفقر، ومحافظة الحديدة- ببركة الله، وبفضل الله- هي مهيَّأة زراعياً أن تغطي احتياجها بشكلٍ كبير، وأن تمثل رافداً معيشياً واقتصادياً وغذائياً كبيراً ومميزاً لكل البلد، لكل اليمن، هي محافظة مباركة، وأرضها خصبة، وفيها الخير الوافر، لكن يحتاج إلى عمل، يحتاج إلى تعاون، يحتاج إلى تظافر للجهود، يحتاج إلى تنظيم، يحتاج إلى ترشيد، وهي محافظة واعدة، يمكن أن تمثل رافداً كبيراً على مستوى البلد بشكل عام.
إلى جانب الاهتمام بالزراعة، هناك أيضاً الثروة الحيوانية: المواشي، الأبقار، الأغنام، الماعز، الثروة الحيوانية هي من نعم الله الكبيرة، ولا بأس هناك ثروة جيدة، ثروة حيوانية حتى أيضاً من الأبل في الحديدة، الثروة الحيوانية هي ثروة مهمة، وهي من نعم الله الكبيرة التي أنعم بها على البشر، وهي ثروة مهمة جداً، تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، وأن يترافق معها اهتمام بيطري، الجانب البيطري؛ ليكون مسانداً للاهتمام بهذه النعمة الإلهية، بهذه الثروة المهمة، وتحتاج إلى اهتمام كبير، الثروة الحيوانية غذاء للناس، وفيها منافع جعلها الله واسعة ومتعددة ومتنوعة، ولكن تحتاج إلى مزيد من الاهتمام.
ومع ذلك العناية بإنتاج الأعلاف، يمكن للبعض من التجار أن ينشئوا شركات لإنتاج الأعلاف، ويمكن للجانب البيطري أن يتطور، وأن يساهم فيه حتى القطاع الخاص، بما يتقوَّى لدعم الاهتمام بهذا الجانب، وهذه نعمة وثروة، وينتج عنها مال، وحركة اقتصادية، وتعالج مشكلة الفقر، لها نتائج وآثار طيِّبة، مع الالتجاء إلى الله، مع التوكل على الله، مع الدعاء، مع التضرع ليمنَّ الله أيضاً بالأمطار، وأن يغيثنا وليمنَّ بالبركات، ومع ذلك الاهتمام سواءً في الزراعة، أو في الثروة الحيوانية، الاهتمام مع الدعاء، والالتجاء إلى الله، بإخراج الزكاة للفقراء، بإخراج الزكاة في مصارفها الشرعية؛ لأن من أكثر ما يضر الناس، ويسبب للجدب، هو عدم إخراج الزكاة، البعض لا يخرجها نهائياً ويتحيل عليها، والبعض يخرج شيئاً يسيراً، أو يخرجه في غير مصارفه، وهذا يضر بالناس ضرراً كبيراً، فلابدَّ مع ذلك الاهتمام بهذا الجانب.
إلى جانب الاهتمام بالأمور الزراعية، والأمور المعيشية، يجب أن يكون هناك تكافل اجتماعي، مع الزكاة التي ستفيد الفقراء، وسيترتب موضوع الزكاة في المحافظة ليكون بشكل مباشر، وليكون هناك نشاط مباشر حتى يستطيع الفرع في المحافظة أن يواكب الفقراء، وأن يصرف لهم، الجانب المركزي هو يتجه في هيئة الزكاة إلى دعم الفروع في المحافظات، لتقوم بدورها بشكل أساسي ومباشر، وحتى تستطيع أن تواكب وأن تكرر عملية الصرف إن شاء الله، وهذا جانب سيفيد، مع ذلك التكافل الاجتماعي، أن يكون هناك تكافل بين أبناء المجتمع، وأن يتجه من منَّ الله عليهم بسعة الرزق، وكذلك الميسورون، أن يتجهوا لرعاية أبناء المجتمع من الفقراء، والبائسين، والمحرومين، والضعفاء، أن يتعاونوا، في هذا خير، وبركة، ورحمة من الله، إذا تراحم الناس فيما بينهم؛ تأتي رحمة الله أكبر، وأعظم، وأوسع، وأشمل، ويأتي الخير، ويأتي الرزق، وتأتي البركات.
إضافةً إلى ذلك العناية بالنازحين، هناك من نزحوا من بقية المناطق المحتلة في الحديدة، النازحون من حيس، النازحون من مختلف المناطق التي لا زالت تحت الاحتلال، وهم بحاجة إلى التفاتة، إلى عناية من الجميع: من هيئة الزكاة، من الميسورين، من ذوي الرزق والسعة، هذا أيضاً من أسباب رحمة الله وفضله، ومن المسؤوليات التي يجب أن يتعاون فيها أبناء المجتمع.
فيما يتعلق بالجانب الأمني، هناك استتباب جيد للأمن في المحافظة، وأبناء هذه المحافظة فيهم خير كبير، حالة هذا الخير تتجلى بتدني نسبة الجرائم، بقلة المشاكل، بقلة الفتن، بتفاهم الناس فيما بينهم، بصبرهم على بعضهم البعض، بحلهم لمشاكلهم بشكل ودي وأخوي، ومع ذلك يجب أن يتقوَّى هذا الجانب، يعني: أن يكون هناك مع النشاط التثقيفي والتوعوي نشاط اجتماعي تعاوني لحل مشاكل الناس بدون استغلال، بدون استغلال، لا يكون هناك سعي للحصول على أموال كبيرة مقابل حل مشكلة، يكون هناك تعاون بين الوجاهات والشخصيات الجيدة من أبناء المحافظة لحل مشاكل أبناء المجتمع بطريقة أخوية وتعاونية وخيرية، وبحرص على أن يستتب الأمن والاستقرار.
ثم أيضاً أن تكون العلاقة مع الجانب الأمني علاقة قوية، وتعاون جيد، وأن يكون هناك المزيد من التجنيد في الأمن، والبناء والتأهيل في الأمن، وهذا التعاون بين الجميع سيكون له أثر كبير في استتباب الأمن والاستقرار في المحافظة، وفي فشل الأعداء في مؤامراتهم لاستهداف المحافظة أمنياً، وفي الاستقطاب للمصادر المعلوماتية، التي تمارس الخيانة لصالح الأعداء.
فيما يتعلق بالجانب العسكري أكيد أنَّ هذه المحافظة حالها حال بقية البلد لا تزال محافظة يركِّز عليها الأعداء، ومستهدفه من جانب الأعداء، كما هو بقية البلد، كل هذا البلد مستهدف من جانب الأعداء، قد وفَّق الله فيما مضى- وكما أشرنا في بداية الكلمة- وأعان عوناً عظيماً، ومنَّ بانتصاراتٍ كبيرة، في هذه المرحلة نحتاج إلى الاستمرار في التحشيد، في التدريب، في التأهيل، وفي التجنيد بشكل كبير، هذا شيء مهم؛ لأنها فرصة للاستعداد للتصدي لأي اعتداءات في المرحلة القادمة تستهدف هذه المحافظة، وليكون هناك قوة ضاربة من أبناء هذه المحافظة؛ حتى يتهيب من الاعتداء على هذه المحافظة، وحتى تنقطع آمالهم، وحتى يشبعوا من اليأس من هذه المحافظة، ومن الاعتداء عليها، ومن إمكانية الاحتلال لها، وهذا ما ينبغي أن يساهم فيه الوجاهات، والجانب الرسمي، والجانب الشعبي، والعلماء في المقدمة، في التذكير للناس، في التشجيع للناس للتحرك في أداء واجبهم الذي هو من الجهاد في سبيل الله، وأن يكون هناك تنشيط وتشجيع للشباب للالتحاق بالتجنيد، والتدريب، والتأهيل، والبناء، والاستعداد؛ لأن الله يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: من الآية60]، ونحن نأمل- إن شاء الله- أن نصل إلى مرحلة تغطي هذه المحافظة احتياجها من التشكيلات العسكرية، والقوة العسكرية، والألوية العسكرية؛ حتى يكون هناك قوة ضاربة من أبناء هذه المحافظة، من رجالها الأبطال والأعزاء والأوفياء والمجاهدين، وهذا ما نأمل أيضاً الاهتمام به، وأن يكون من الاهتمامات الرئيسية في التذكير، في التوعية، في التحريض على الجهاد في سبيل الله، في الحركة بين أوساط المجتمع.
من الجوانب المهمة جداً هو الاهتمام بالجانب الخدمي، الجانب الرسمي عليه أن يبذل كل الجهد، طبعاً من الواضح احتياج هذه المحافظة بشكل كبير للكهرباء، تابعنا مع الإخوة في الجانب الرسمي، كان هناك بعض المشاكل، بعض الإشكاليات، أكدنا عليهم مراراً وتكراراً، في الأخير استعد الأخ الرئيس أن يُنزِل ما تبقى حتى من المواطير الكهربائية التي كانت لدار الرئاسة، أن ينزلها إلى الحديدة؛ لتكون في خدمة أبناء المحافظة، وقلنا: جيد هذه خطوة جيدة، قلنا: جيد، أبناء هذه المحافظة لهم الأولوية، هم أحوج الناس، وأحق الناس بأن يتوفر لهم الكهرباء أولاً، حتى لو نبقى في الظلام، وأن يتوفر لهم الكهرباء، مع ظروف هذه المحافظة، والحر الشديد، ونحن في هذا الشهر والذي يليه في موسم الحر الشديد، طبعاً أكيد يحتاج الناس إلى المزيد من الاهتمام، سيستمر- بإذن الله، بتوفيق الله- الاهتمام بالمحافظة (محافظة الحديدة) في مختلف مديرياتها، وفي مدينة الحديدة نفسها، فيما يتعلق بالكهرباء؛ حتى تحل هذه المشكلة إن شاء الله تعالى.
بقية الخدمات مثلاً المياه والصحة في المقدمة، لابدَّ أيضاً من مواصلة الاهتمام من الجانب الرسمي مركزياً ومن المحافظة، مع المبادرات الاجتماعية، والتعاون من التجار والميسورين، لتقديم كل ما يمكن تقديمه لأبناء هذه المحافظة، بالرغم من الظروف الصعبة، لكن بذل كل الجهد، وتوفير كل الممكن مسؤولية وفريضة أمام الله.
هناك مشكلة ومعاناة كبيرة يعاني منها أبناء المحافظة، ويؤسفنا جداً حجم معاناتهم فيها، وهي مشكلة الألغام، ومخلفات الحرب، نحن خلال الأيام الماضية كنا نؤكِّد عبر الإخوة في الجانب العسكري، أن يعطوا أولوية لهذه المحافظة، وبالذات في المناطق السكنية، حتى على بقية الجبهات، وعلى بقية المحافظات؛ لأن المعاناة كبيرة، ويحتاج هذا إلى جهد كبير، لنزع الألغام والمخلفات، وسنستمر في المتابعة على هذا الأساس، إعطاء محافظة الحديدة أولوية قبل غيرها، وأكثر من غيرها، لمعالجة هذه المشكلة التي تؤدي إلى مآسٍ نحزن جميعاً من أجلها، مآسٍ كبيرة، نتيجةً لوجود الكثير من الألغام ومخلفات الحرب في المناطق الآهلة بالسكان، إن شاء الله سيستمر الاهتمام بهذا من جانبنا، من جانب الإخوة في السلطة المحلية، من جانب الإخوة في الأمن والجيش، من جانب الإخوة في الجهات المركزية، كل هذه هي هموم لكم وهموم لنا، أنتم إخوتنا، أحباؤنا، أعزاؤنا، مآسيكم هي مآسي في قلوبنا، نحمل همكم، وآلامكم، ونستشعر ظروفكم، ونتألم لآلامكم، ونحمل معكم الأمل والرجاء في الله “سبحانه وتعالى”، وفي ما وعد الله به من الخير.
مما يسعدنا أنَّ فريق العمل في هذه المحافظة إخوة، ويتعاونون فيما بينهم، ويتفاهمون، وقريبون من المجتمع، وهذا شيءٌ نشكره لهم، الأخ المحافظ، والوكلاء، والمشرف، والجميع، ونحثهم أكثر وأكثر على أن يكونوا دائماً قريبين من هذا المجتمع: مجتمع الحديدة، وأبناء الحديدة الأعزاء، هذا المجتمع العزيز والغالي، هذا المجتمع المؤمن، والصبور، والمضحي، والطيب، الذي نحبه ونعزه، نحث الجميع أن يكونوا قريبين على الدوام من المجتمع، أن يكون اهتمامهم منصباً لخدمة أبناء هذا المجتمع، وأن تكون جهودهم دائماً متجهةً نحو خدمة هذا المجتمع، هذه وصيتنا، وتأكيدنا، وتوجيهنا، وأملنا أيضاً.
نسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيَّاكم جميعاً لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛