المحاضرة الرمضانية الثانية عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1440 هـ
مركز وسائط أنصار الله 12 ــ رمضان ــ 1440 هـ /
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الحقُ المبينُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه خاتمُ النبيين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ وباركت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
وارض اللهم بِرضاكَ عن أصحابِه الأخيارِ المُنتجبين وعن سائرِ عِبادِك الصالحين.
أيها الأخوةُ والأخوات، السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته..
وتقبّلَ اللهُ مِنّا ومِنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمالِ، اللهم اهدنا وتقبل منّا إنكَ أنتَ السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
جريمةُ تحالفِ العدوان بالأمسِ في صنعاء، في اعتدائِه على بعضٍ من الأحياء السكنية واستهدافِه للسُكان للمدنيين في مَنازلِهم في الشققِ السكنيةِ والمنازل، هي كسابقاتِها من الجرائم الوحشيةِ الفظيعةِ التي تُدينُ تحالفَ العدوان وتَكشفُهم على حقيقتِهم وتكشفُ طبيعةَ عدوانِهم على شعبِنا اليمني المسلم، ومنذُ أولِ غَارَةٍ لتحالفِ العدوانِ كانت غارةً إجراميةً ضحاياها من الأطفال والنساءِ والمدنيين القاطنين في مساكنِهم وهُم نِيام، وإلى اليوم يرتكبُ تحالفُ العدوان كلَ يومٍ جريمةً أو أكثرَ من جريمة، جرائمَ كثيرة، وباتت هذه مسألةٌ معروفةٌ في العالم، واليوم أسوأُ سُمْعَةٍ وأسوأُ رصيدٍ إجرامي هو لتحالفِ العدوان، للنظامِ السعودي في المُقدِّمة، ومعه الإماراتي ومن يُشرِفُ عليهم ومن يُديرهم، وباتت السُمعةُ السيئة جداً لهذه الجرائمِ باتت مُنتشرةً في كلِ أنحاء العالم.
شعبُنا العزيزُ لن تنكسرَ إرادتُه بهذه الجرائمِ الوحشية، وبهذا الاستهدافِ الظالم، هو مُصممٌ على الصمودِ على التصدي لهذا العدوان.
نحنُ في هذه المناسبةِ نتقدَّمُ بالتعازي إلى أُسرِ الشهداء، ونسألُ اللهَ سبحانه وتعالى الشفاءَ للجرحى، ونأملُ إن شاء اللهُ أن يكونَ الأثرُ في نُفوسِ الناس تجاهَ هذه الجرائم هو المزيدُ من العَزمِ والقوة والتحدي والصمود، والإحساسُ بالمسؤوليةِ لرفدِ الجبهاتِ بالرجالِ والمال.
ندخلُ إلى موضوعِ الدرس وموضوعِ المحاضرة، يقولُ الله جلَّ شأنُه {وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ ۖ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم ۚ إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا}(الإسراء ـ 31) لا تزال الآياتُ المبارَكةُ تركِّزُ على الموضوعِ الاقتصادي، وهو موضوعٌ مهمٌ جدا، ويلامسُ واقعَ الناسِ وواقعَ حياتِهم ومَعيشتِهم، والآيةُ المباركة تَنهَى عن قتلِ الأولاد خَشيةَ الإملاق، والإملاقُ هو الفقرُ والإقلالُ، ومشكلةُ الفقرِ هي من أكبرِ المشاكلِ في الواقعِ البشري، مشكلةٌ كبيرةٌ ومنتشرة، وتُعاني منها المجتمعاتُ البشرية، حيث تعاني نسبةٌ كبيرةٌ من الناس يُعانون من الفقرِ الشديد، وتكبُرُ هذه المشكلةُ من مجتمعٍ إلى مجتمعٍ آخر.
اللهُ سبحانه وتعالى كما قال في كتابه {وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً}(لقمان ـ 20)، وأوجدَ في هذه الأرض المَعايشَ اللازمةَ لهذا الإنسان والمُتطلَّباتِ الأساسيةَ لهذا الإنسان، ما هو موجودٌ من حيثُ التهيئةِ والإمكان، وما هو موجودٌ جاهزٌ لهذا الإنسان لتوفيرِ مُتطلَّباتِ حياتِه واحتياجاتِه الأساسية، ومِن قَبلِ خَلْقِ الإنسانِ كان قد هيَّأَ الحياةَ في هذه الأرض، ووفَّرَ فيها مَعايشَ المخلوقاتِ التي سيخلقُها على الأرض، وتكفّلَ جلَّ شأنُه برزقِ عبادِه {وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها}(هود ـ 6)، والمشكلةُ الكبيرةُ في الواقع البشري التي تَزيدُ من حالةِ البؤس وحالةِ الحرمان وحالةِ الفقر المُدقِعْ والعَناءِ الشديدِ في مَعيشةِ الناس وحياتِهم تعودُ إلى أسبابٍ للبَشرِ أنفسِهم، أسبابٌ من جانبِ الناسِ أنفسِهم، ونتيجةً للخوفِ من الفقرِ والتضايقِ من الفقرِ والسعي للخلاصِ من الفقر، تحدثُ الكثيرُ من التصرفاتِ السيئة، بما فيها الجرائم، بما فيها جريمةُ القتل، كمْ تحصلُ من جرائمِ قتلٍ في السعي للحصولِ على الثروةِ والمال، أو السعي للتخلصِ من الفقر ومُواجهةِ هذه المشكلة؟، حروبٌ بأكملِها، تحصلُ مشاكلُ ونزاعاتٌ كلُها تتعلقُ بالجانبِ المادي، بالمال، بالثروة، بالأراضي، بهذا الجانب، تحصلُ أحياناً نزاعاتٌ على مستوى دولي، على مستوى إقليمي، على مستوى مَحلي، ما بينَ هذا البلدِ وذاك، داخلَ البلدِ الواحد، مشاكلُ كبيرةٌ تصِلُ أحياناً إلى مشاكلَ ما بينَ مجتمعٍ وآخر، ما بينَ قبيلةٍ وأخرى، تصلُ أحياناً إلى مشاكلَ كبيرةٍ على مستوى الأُسر، على مستوى الأخِ وأخيه أحياناً، نزاعٌ بينَهما على المال أو على الإرث أو على ثروةٍ مشتركة، أو على أي شيئٍ يتصلُ بهذا الجانب، ولكن تصلُ الحالُ أحياناً إلى ما هو أسوأُ من ذلك على المستوى الإنساني.
حَصلَ في العصرِ الجاهلي أنْ كانوا يقتلون أولادَهم خَشية الفقرِ عليهم، على مستقبلِهم، يقول “ابني هذا لن يكونَ له مستقبلٌ، سينشأُ ويعاني من الفقرِ مثلما أعاني، يُمثّل عبئاً عليَّ من جانب، ويُعاني هو من المشكلةِ بنفسِه”، فيقومون بقتلِهم، خَشيةً عليهم من الفقر، يدخلُ في الموضوع اعتبارُ مستقبلِ الأولاد، وفي الوقتِ نفسِه ما يُمثِّلونه بحسبِ تصورِهم وتقديرِهم من عِبءٍ إضافي عليهم في التزاماتِهم المَعيشيةِ والمالية، فيقومون بقتلهم، تصوروا إلى هذه الدرجةِ يصلُ الإنسانُ أن يقتلَ أولادَه!، والإنسانُ أكثرُ ما يكونُ عَطفاً وحناناً وشفقةً وإنسانية تجاهَ أولادِه، يَفديهم بنفسِه، يبذلُ من أجلِهم كلَ رخيصٍ وغالٍ.
هذه الحالةُ الفظيعة جداً، وهذه الجريمةُ الرهيبة هي نتيجةٌ لانعدامِ الوعي، لانعدامِ الإيمان، لانعدامِ الفَهمِ الصحيح تجاهَ هذه المشكلةِ وتجاهَ مُعالجاتِها، هي مشكلةٌ بالفعل، الفقرُ المُدقِعُ والبؤسُ هو مشكلةٌ في الواقع البشري، ولكن كيف نكونُ على وعي صحيحٍ بأسبابِ هذه المشكلة التي تَزيدُ من تفاقمِهما وعَنائِها؟، وكيف نحملُ الوعيَ والفهمَ الصحيحَ للحلولِ الصحيحة تجاهَ هذه المشكلة، مشكلة الفقر؟.
في عصرِنا هذا تقدّمُ مشكلةُ الكثافةِ السكانيةِ والتزايدِ في السكانِ أنَّه يُمثلُ مشكلةً خطيرة، وأنه يجبُ الحدُ منه، وتأتي برامجُ وأنشطةُ وإجراءاتُ تحديدِ النَسْلِ، كأسلوبٍ مشابهٍ لما كانوا يعملونه في الجاهليةِ الأولى، في الجاهلية الأولى كانوا يقتلون الأولاد، هذه عمليةُ تحديدِ نَسْل، ولكن في هذا الزمن تطورت الوسائلُ والأساليبُ فيستخدمون أساليبَ جديدةً لتحديد النَسْلِ، إضافةً إلى جريمةِ الإجهاضِ، في بعض المجتمعاتِ يرتكبون جريمةَ الإجهاض، ويُسقطون الحَمْلَ عَمداً للتخلصِ منه، وفي بعضِ المجتمعات يُركِّزون كذلك على حالاتِ العُقم من درجةٍ مُعينةٍ أو مستوى معين، وسائلُ كثيرةٌ كلُها تدخلُ تحتَ عنوان تحديد النَسْلِ، ما كانَ في ذاك الزمن، وما كان في هذا الزمن.
هل المشكلةُ الحقيقيةُ هي في تزايدِ السكان؟ هل هي في كَثرةِ البشر؟ هل هذا هو المشكلة؟ هل هذه هي المشكلة؟ طبعا لا، ليست هذه هي المشكلةُ أبدا، هناك مجتمعاتٌ ذاتُ كثافةٍ سكانيةٍ هائلة، وذاتُ مناطقَ ومساحاتٍ جغرافيةٍ محدودة قياساً بمناطقَ أخرى وسكانٍ في مناطقَ أخرى، ونجدُ أنَّ هناك نهضةً اقتصاديةً كبيرةً لتلك المجتمعات ذاتِ الكثافةِ السكانيةِ الكبيرة، مثلاً الصين، الصين الذي عددُ السكانِ فيه يربو على المليار بكثيرٍ بكثير، لا يواجهُ مشكلةً اقتصادية، بل يعيشُ نهضةً اقتصاديةً كبيرةً جدا، ونسبةُ النمو في الاقتصادِ الصيني نسبةٌ متزايدة عاماً بعدَ عام، إلى درجةِ أنَّ أمريكا تَقلقُ من هذا النمو الاقتصادي للصين، وتَدخلُ في هذه المرحلةِ في إجراءاتِ حربٍ اقتصاديةٍ مع الصين، هذا واضح.
المجتمعُ اليابانيُ كذلك ـ كما قلنا ـ اليابان هي أصغرُ من الناحيةِ الجغرافيةِ من اليمن، والسكانُ بعددٍ كبيرٍ جدا، أي يربو عددُهم على عددِنا في اليمن بأكثرَ من مئةِ مليون نسمة، وهُم في مساحةٍ جغرافيةٍ أصغرَ من بلدِنا، ومع ذلك هم يعيشون في نموٍ اقتصادي كبيرٍ ونهضةٍ اقتصاديةٍ كبيرة، وهكذا الهندُ هي من الدولِ النامية اقتصاديا، اقتصادُها ينمو وهي كذلك ذاتَ كثافةٍ سكانيةٍ قد تصلُ إلى المليار أو نحو ذلك، على حسبِ اختلافِ الإحصاءاتِ المُعلنة.
فالكثافةُ السكانية ليست هي المشكلة في واقع الحال، فهناك مجتمعاتٌ كثيرةُ العددِ وهي تعيش نهضةً اقتصاديةً ومناطقُها الجغرافيةُ محدودةٌ قياساً بالآخرين، وكذلك المواردُ الاقتصادية لو قارنّاها بالآخرين فهي محدودة، وهناك بلدان قد تصل بعضُها في مساحتِها إلى مساحةٍ أكبرَ من تلك البلدان وإلى خُصوبتها الزراعية، مثلاً السودان، السودان ما قبلَ التقسيمِ كانت مساحتُه أكبرَ من أربعِ دول أوروبية، مثلاً أكبرَ من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ودولٍ من هذه الدول التي هي في الصفِّ الأول من حيثُ الاقتصاد في العالم، أي بلدٌ مساحتُه واسعةٌ جدا، تتسعُ لأكثرَ أو تمتدُ لأكثرَ من عِدةِ دولٍ في أوروبا، وفي الوقتِ نفسِه بلدٌ خصبٌ جدا، لديه طاقةٌ وقدرةٌ أن يُغطيَ العربَ بكلِهم باحتياجاتِهم الزراعية، المنطقةَ العربيةَ والسكانَ العربَ بكلِهم، وخصوبة، ومياهٍ متوفرةٍ وبيئةٍ ملائمةٍ للإنتاج الزراعي ولمختلفِ المحاصيل الزراعية، ويستطيعُ أن يكونَ متقدِماً جداً في المجالِ الزراعي، ولديه أيضاً قدراتٌ ومؤهلات، هو شعبٌ قادرٌ على التفكيرِ والتحصيل العلمي، شعبٌ ذَكي، ومع هذا يعيشُ السودانيون بُؤساً وحِرماناً وفقراً ومعاناةً كبيرةً جدا، وليسوا بكثافةٍ سكانيةٍ هائلةٍ جداً قياساً بسعةِ بَلدِهم، أي هناك مِساحاتٌ فارغةٌ من السكان، مساحاتٌ شاسعةٌ جداً ليس فيها سكانٌ في السودان، فراغٌ كبيرٌ من السكان، لدرجةِ أننا سَمعنا ذاتَ مرّةٍ إحدى الأخوات السودانيات وهي تَحُثّ على الزواجِ بالأربع، أي كلُ سوداني يتزوجُ بأربعِ نسوان، حتى يحصّلوا ذرية وينتشروا في البلد، فعندَهم مثلاً فرصةٌ كبيرةٌ في الانتاج الزراعي والتقدم ليكونوا في الصدارةِ بينَ البلدانِ المُنتِجة زراعياً، ولكن لم يحصلْ ذلك، هناك المعاناةُ، هناك الفقر، هناك الحرمان، هناك البؤس، هناك العناءُ الشديدُ جدا.
في بلدِنا اليمن، في إجراءاتٍ أو في مُسوحاتٍ ودراساتٍ سابقةٍ وصلتْ إلى نتيجة أنَّ محافظةَ الجوف ومحافظةَ مأرب ومحافظةَ حضرموت كافيةٌ في توفيرِ ما نحتاجُه من قَمح، دع عنك بقيةَ المحافظات، كلُ المحافظاتِ الجبليةُ صالحةٌ للزراعةِ لمختلف المُنتجاتِ والمحاصيل الزراعية، “تهامة” كذلك تُعتبر سلَّةً غذائيةً لليمن، وذاتَ قدرةٍ كبيرةٍ جداً على إنتاجِ مختلفِ المحاصيل الزراعيةِ المهمة.
المشكلةُ ـ كما قلنا ـ لا تعود لا إلى كًثرة السكان، فكثرةُ السكان تُمثلُ ثروةً بشرية، والثروةُ البشريةُ هي من أهمِ الثروات على الإطلاق.
وهناك في أوروبا معاناةٌ كبيرة، بسببِ أن النموَ الاقتصادي لم يواكبْهُ النموُ السكاني، النموُ البشري، وحَصلَ عندَهم أزمةٌ في اليدِ العاملةِ الشابة، أي كثيرٌ من العُمَّالِ في المصانعِ عندَهم والشركات والمؤسسات الاقتصادية باتوا في سنٍ مُتقدمة، وقلَّ عندَهم الشباب، الكادرُ الشبابي العامل، والنمو الاقتصادي الذي كَبُرَ جداً يحتاجُ إلى المزيدِ والمزيدِ من الثروة البشرية، يحتاج إلى عُمَّال، يحتاجُ إلى مدراءَ، إلى مسؤولين، إلى يدٍ عاملةٍ بعددٍ كبيرٍ يُواكبً هذا النمو، ومع ذلك عندهم مشكلةٌ في هذا الجانب.
الشعوبُ ذاتُ الكثافةِ السكانية عندها سوقٌ ضخمة، استهلاكٌ نَشِطٌ، وعندما يربطون استهلاكَهم بإنتاجهم هنا يحصل النموُ الاقتصادي، عندما يرتبطُ الاستهلاكُ بالإنتاجِ المحلي، يُمثل عاملاً مهماً في قوةِ النهضةِ الاقتصادية ودعمِ المُنتَجِ المَحلي، أين مشكلتُنا نحن؟ مشكلتُنا في المنطقة العربيةِ أن َّاستهلاكَنا ليسَ مُرتبطاً بإنتاجِنا، نحن نستهلكُ كشعوبٍ عربية، واحتياجاتُنا كثيرة، احتياجاتُنا كسائرِ البشر، احتياجاتُنا الغذائية، واحتياجاتنا الصحية، واحتياجاتنا فيما يتعلق بالملابس، واحتياجاتنا فيما يتعلقُ بالبِناء والعُمران، في كلِ مجالاتِ الحياة نستهلك، هذا شيئٌ قائمٌ وحاصل، الاستهلاكُ مسألةٌ حاصلةٌ وقائمة، ولدينا في الوقتِ نفسِه نشاطٌ في الحياة كشعوبٍ عربية، نحن أيضاً كشعبٍ يمني، الناسُ يشتغلون في الزراعةِ ويشتغلون في العُمران والحياةُ تمشي، الحياةُ لا تتوقف، الحياة تمشي، ولكن مشكلتَنا هي تعودُ إلى أن الاستهلاكَ هذا لا يرتبطُ بالإنتاجِ المحلي، لا نتجهُ إلى أن نُنتجَ ونستهلَك ممّا نُنتج، وفي كثيرٍ من الحالات لا يلقى المنتَجُ المحلي الإقبالَ اللازمَ من الداخلِ لشرائِه وإعطائِه أولويةً في الشراءِ، لتشجيع مثلاً المنتجات من المحاصيلِ الزراعية، الكثيرُ مثلاً قد يختارُ أن يشتريَ من الفواكهِ المستورَدَةَ من الخارج ولا يشتري من الفواكهِ المنتجة محلياً، لماذا؟ إمّا لأنها مُعلَّبَةُ ومُجمَّلة، حظيت باهتمامٍ بسببِ إمكاناتٍ هناك واهتمامٍ من حكوماتِ تلك البلدان لمُنتجاتِها التي تُصدِّرُها، ونحن لا يلقى المنتَجُ المحلي الرعايةَ اللازمةَ من الحكومة، ولا الوعيَ اللازمَ من الجهاتِ المنتجةِ، من المزارعين أو الشركات أو المؤسسات أو التجار الذين يُسوّقون هذا المنتج، عندنا مشاكلُ قابلةٌ للحل، ونحتاج إلى وعي وإرادة، وعي وإرادة، المسألةُ هذه في غايةِ الأهمية، لأننا إمّا أن نتجهَ بجدٍ إلى بناءِ واقعِنا وإلى أن ننهضَ في وضعِنا الاقتصادي، وإلا أن نبقى نعيشُ المشكلةَ ونعالجَها بمشاكلَ أخرى، وبحلولٍ قاتلةٍ وحلولٍ فاسدةٍ وحلولٍ لا تمثّل حلَّاً بالفعل، إنما هي سببٌ للمزيدِ من الأعباء، هناك بلدانٌ تفشلُ في معالجةِ الفقر وفي تحقيقِ النمو الاقتصادي، وتدخلُ في متاهاتٍ كبيرةٍ جداً ومشاكلَ كبيرةٍ جدا.
فعندما نأتي لربطِ الاستهلاكِ بالمنتجاتِ المحلية، ونعملُ على العنايةِ بالمنتجات المحلية، هذا يحتاجُ إلى وعيٍ من المستهلك، من المشترين أنفسِهم، كيف يُركِّزُ على شراءِ المنتج المحلي، ويفهمُ أنَّ هذه مسألةٌ مهمةٌ بكل الاعتبارات، حتى في الأخير تصلُ إلى مستوى الحريةِ والاستقلالِ والكرامةِ والقوةِ والعِزةِ والشرَفِ، تصلُ إلى هذه الأمور، لأنَّ السلاحَ الاقتصادي بيدِ الآخرين يُوظفونه لخنقِ الشعوبِ وإذلالِها واستعبادِها، وهذه مشكلةٌ خطيرة جداً على الشعوب، ما إن يتجهَ شعبٌ ليتحررَ حتى يُمارسوا عليه الضغوطَ الاقتصاديةَ والحظرَ والإجراءاتِ العِقابيةَ، وهكذا حتى يُعاني معاناة كبيرة، ويحاولون أن يُضعفوه، أن يَكسروا إرادتَه، أن يسيطروا عليه.
كيف نتحرر؟ لا بدَّ أن نلحظَ القوةَ في الجانبِ الاقتصادي، فالجانبُ الاقتصادي عندما نتجهُ فيه وضمنَ اهتمامٍ ووعي عام، المشترون، المستهلكون، عندَهم في وعيهم في اهتمامِهم تركيزٌ على المُنتَجِ المحلي قبل المُنتَجِ الخارجي، الدولةُ والحكومةُ والمؤسسات المعنية عندها اهتمامٌ بضبطِ مسألةِ الاستيرادِ من الخارج حتى لا يَضرِبَ المُنتَجَ المحلي، ويكونُ متوازناً بما لا يَضُرُ بالإنتاج المحلي، وكذلك المُنتِجُ في البلد، المُزارِع بنفسه، والشركاتُ التي تستقبلُ من المُزارِع وتبيع، كيف يحرصون ويهتمون بالجودة، بالإنتاج السليم، بما يساعدُ على تقديم المُنتَجِ المحلي كمُنتَجٍ منافسٍ للمُنتَجِ الخارجي والوارد من العالم الخارجي، بجودةٍ عاليةٍ وهذا مُمكن، هذا ممكنٌ ـ كما شرحنا بالأمس في المحاصيل الزراعية ـ إذا اتجهت الدولةُ لدعمِ المزارعين والعنايةِ بالمحاصيل الزراعيةِ، والعناية بسلامتها، والعنايةِ حتى على المستوى الصحي، في مكافحةِ المبيدات القاتلة التي تُبيد البشرَ ـ وليس فقط تبيدُ الحشرات أو الآفات التي تصيب الزراعة بل تبيدُ الإنسانَ بكلِه في الأخير بالسرطانِ أو بغيره ـ والعنايةِ بالجودة، العنايةِ بالإجراءاتِ السليمةِ في العملية الزراعية في كلِ مراحلِها، ومن ذلك مراحلُ الحصاد ومراحلُ التجميع ومراحلُ التعليب ومراحلُ التسويق، حينها سيكون هناك معالجةٌ للمشكلةِ إلى حدٍ كبير، فالمشكلةُ السكانيةُ والكثافةُ السكانيةُ يمكنُ أن تكونَ عاملاً للنهضةِ كما في الصين، كما في الهند، كما في اليابان، كما في بلدانٍ أخرى استفادوا من كَثرتِهم كسوقٍ ضخمةٍ للاستهلاكِ من جانبٍ وفي الوقتِ نفسِه للإنتاج، وأصبح المنظورُ إلى الكثافةِ السكانيةِ أنها ثروة، ثروةٌ بشرية، فهذه النظرةُ الصحيحةُ هي التي تجعلُ الإنسانَ يتجهُ إلى الاستفادةِ من هذه الثروةِ وليس نحو معالجاتٍ وإجراءاتٍ خاطئةٍ وإجراءاتٍ سلبية.
{وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ ۖ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم ۚ إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا}(الإسراء ـ 31)، هذه المعالجات، معالجاتُ تحديدِ النسل، معالجاتٌ خاطئة جدا، نحن بحاجةٍ إلى الثروة البشرية، وأن نفهمَ أنها ثروة، بحاجةٍ إليها في النهضةِ الاقتصادية نفسِها، لأنهُ من خلالِ الثروة البشرية هناك استهلاكٌ وهناك إمكانيةٌ للإنتاج القوي، بحاجةٍ إليها كقوةٍ عسكريةٍ في مواجهةِ التحديات، ونحن في عصرِ الحروبِ وزمنِ التحدياتِ والأخطار، الزمنِ الذي تُقدِّم في الشعوبُ الكثيرَ من التضحياتِ والتضحيات، شاءتْ أم أبَتْ، إما أن تقدِّم تضحياتٍ في سبيلِ أن تكونَ عزيزةً وحرةً ومستقلةً وكريمة، وإما أن تقدِّمَ التضحياتِ في سِياقِ العبوديةِ والإذلالِ للعدو، تحتاجُ إلى الثروةِ البشرية، صراعاتٌ تحتاجُ إلى البشر، إلى القوةِ المُقاتِلة، ونلاحظُ في منطقتِنا مثلاً الشعبَ الفلسطيني، لو التزموا واهتموا بتحديدِ النَسلِ كانوا سيواجهون مشكلةً في النمو، وبالتالي ضعفٌ في الموقفِ في نهايةِ المطاف، صراعاتٌ تطولُ أحياناً لعشراتِ السنين، لعقودٍ من الزمنِ تحتاجُ إلى البشر، إلى الناس.
على بقيةِ المستويات، ليس هناك ما يُبرر التوجهَ لتحديدِ النسل، هناك الحالةُ الصحيةُ التي يُمكنُ أن تُراعى، يُمكن أن تُراعى لاعتباراتٍ، مثلاً امرأة تعاني من ظروفٍ صحيةٍ لا تتحملُ الحَملَ، لا تتحملُ الولادة، الحالةُ الصحيةُ تُراعى، أما مسألةُ الجانبِ الاقتصادي فليسَ بمبررٍ أبدا، وليس بصحيحٍ أبداً أنَّه يُمثلُ مشكلةً على الجانب الاقتصادي، لا يمثلُ مشكلةً في أصلِه، بل السياساتُ الخاطئة، بل المعاصي والذنوبُ التي تنزعُ البركات، هي التي تُسببُ مشاكلَ اقتصاديةً حتى لمجتمعاتٍ ليست كثيرةَ العَدد، لا تعاني من الكثافةِ السكانية، وهي مجتمعاتٌ بائسةٌ في بعضِ دول إفريقيا، مجتمعاتٌ بائسةٌ وفقيرة ومعانيةٌ جدا، وهي لا تعاني من الكَثرةِ ولا من الكثافةِ السكانية.
الجغرافيا تتسع، ليس صحيحاً أنّ الجغرافيا لا تتسع، مثلاً البلدان هذه ذاتُ الكثافةِ السكانية الهائلة كاليابان، فيها عددٌ كبيرٌ من السكان، واتسعت لهم، وهي منطقةٌ أصغرُ من اليمن، عندنا في اليمن كذلك تتسع، يتسعُ بلدُنا، يتسعُ لأعدادٍ هائلةٍ جدا، المشكلةُ أن الناسَ يزدحمون في المُدن، وسنأتي إلى الحديثِ عن هذه المُشكلة، أي ليس هناك تخطيطاً حضرياً وتوزيعاً منظماً للسكان وانتشاراً مُنظمَاً للعمران والسكان، كلُها مشاكلُ تعودُ إلى السياساتِ الخاطئةِ والتصرفات الخاطئة.
اللهُ يقولُ هنا {نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم}(الإسراء ـ 31)، أي ليس هناك مبررٌ على المستوى الاقتصادي، المبرراتُ التي يُسوِّقُها البعضُ، الموضوع الاقتصادي، الجغرافيا، وسعةُ المناطق، التربية يُسّوقها البعضُ أن هذا يُحدِثُ مشكلةً كبيرةً في التربية، وهذا غيرُ صحيحٍ أبدا، المشكلة عادةً تكونُ إذا لم يكن هناك جهاتٌ مهتمةٌ بهذه الأمور، بالتربيةِ ومساعدةِ الآباءِ في تربية أبنائِهم، {نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم}، هذا وعدٌ من اللهِ سبحانه وتعالى، وعدٌ ممن لا يُخلِفُ وعدَه، الله سبحانه وتعالى من أسمائِه الحُسنى، الرزاق، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}(الذاريات ـ 58)، من أسمائِه الحُسنى الكريم، من أسمائِه الحسنى الوهاب، فهو الوهابُ وهو الكريمُ وهو المنّان، وهو الرزاقُ، و {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، رزّاقٌ قوي يَقدِرُ على أن يُوصِلَ رِزقَه وأن يُوفِّرَ عطاءَه لِعبادِه، واللهُ سبحانه وتعالى قد جَعلَ لعبادِه الكثيرَ من الأرزاق، أسبغَ عليهم نعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً مما هو موجود، ومما أيضاً يُمكن أن يَزيدَ عبادَه من بركاتِه ومن فَضلِه الواسع جدا، هذا الوعدُ وعدٌ مهم، الله جلَّ شأنُه الكريمُ الوهابُ الرحيمُ المنّانُ ذو الفضل الواسع العظيم الغني، الغني الكريم، {الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، {نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم}، نرزقُهم فلا تخافوا على مستقبلِهم، {وَإِيّاكُم}، فلا تخافوا أن يُمثّلوا عِبئاً عليكم.
إذن، هذا وعدٌ واضحٌ من الله سبحانه وتعالى، كما نقولُ نحن في تعبيرنا ـ وإن كان هذا مُجرَّدَ مثالٍ وللهِ المَثلُ الأعلى ـ عندما يقولُ الإنسانُ “أنا أتكفل أنا ألتزم”، هذه الضمانةُ من الله سبحانه وتعالى، {نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم}، فلا تخافوا على مُستقبلِهم، ولا تخافوا على أن يُمثّلوا عبئاً عليكم.
إذن إذا جئنا إلى مسألة الرزق، الله هو الرزاقُ، هذه أولُ قاعدة، وآمالُنا يجب أن تتجهَ نحوَ اللهِ سبحانه وتعالى، وللحصولِ على الرِزق، وللتركيزِ على هذه المسألةِ والوعي عنها، يجبُ أن نلحظَ عدةً من الجوانب الأساسية:
أولا: من أهمِ الأسبابِ في الحصولِ على الرزق، ومن أهمِ الأسبابِ لِسعة الرزقِ، ومن أهم الأسبابِ لمكافحةِ مشكلةِ الفقرِ والبؤس، هي الرجوعُ إلى اللهِ سبحانه وتعالى لأنَّه هو الرزاق، الرجوعُ بالالتجاءِ، بالدعاء، والرجوعُ بالتوبة، والرجوعُ بالاستقامةِ العمليةِ على نهجِه وتعليماتِه وتوجيهاتِه.
التقوى لله سبحانه وتعالى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}(الطلاق ـ 2-3)، مِن التقوى للهِ، ومن الرجوعِ إلى الله، ومن الاستقامةِ على نهجِ الله، الالتزامِ بتوجيهاتِه، والاحترامِ لِحَرامِه وحَلالِه، الالتزام بهذا.
وهناك جزءٌ كبيرٌ من التوجيهاتِ الإلهية لها عَلاقةٌ بالجانبِ الاقتصادي نفسِه، تعليماتٌ وتوجيهاتٌ وأوامرُ تتعلقُ بالجانبِ الاقتصادي نفسِه، فمِن الأسبابِ أسبابِ البركة، الرجوعُ إلى الله، الاستقامةُ على نَهجِ الله، التقوى للهِ سبحانه وتعالى في الالتزامِ العَملي في الحياة، في المعاملاتِ في التصرفاتِ في المواقف، أن يقفَ الإنسانُ دائماً موقفَ الحق، وكذلك في التوجيهاتِ ذاتِ العلاقةِ بالمال، ذاتِ العلاقةِ بالجانبِ الاقتصادي، ذاتِ العلاقةِ بالمعاملةِ بينَ الناس.
الالتزامُ بهذا سببٌ للبرَكةِ، وسببٌ للخير، وفي الوقتِ نفسِه سببٌ لِسِعَةِ الرزق، سببٌ لمرضاةِ اللهِ سبحانه و تعالى، وألطافِه ورعايتِه وكَرمِه وفَضلِه الواسع، كما قال {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}(الطلاق ـ من الآيتين 2،3)، كما قال {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}(الأعراف ـ 96)، لاحظوا هذا وعدٌ مهمٌ، كما قال {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}(الجن ـ 16).
لو جئنا مثلاً إلى دراسةِ الاحتياجات الأساسيةِ للناسِ في الحياة، جزءٌ كبيرٌ من هذه الاحتياجات جزءٌ كبير وأساسيٌ في طعامِهم وفي مَلابسِهم وفي كثيرٍ من شؤون حياتِهم يرتبطُ بالزراعةِ، بالإنتاج الزراعي، الإنتاجُ الزراعي فيه طعامُنا فيه قُوتُنا الضروري، القمح، الإدام، الطعامُ يأتي من أين؟ من الزراعة، من المحاصيل الزراعية ومن المُنتجَات الزراعية، الملابسُ كذلك، جزءٌ كبيرٌ منها يأتي من الزراعة، من القُطن، من الكتَّان، من منتجاتٍ زراعيةٍ أخرى هي أساسية، وأيضاً الثروةِ الحيوانيةِ، والثروةُ الحيوانيةُ هي جزءٌ أساسي من احتياجاتِنا سواءً للِّحُومِ أو للألبانِ ومُشتقاتها، “الزبادي” الذي يَعتمدُ عليهِ أكثرُ اليمنيين، أو “الجُبنةُ” أو غيرُ ذلك من مُشتقات الألبان هي كثيرة، وكذلك فيما يتعلقُ بالملابس فيما يتعلق بالفُرُشِ يتعلقُ بالثروةِ الحيوانية، البقر، الأبل، الغنم، الماعز.
الثروةُ الحيوانيةُ تعتمدُ على الزراعة، وهي كذلك تحتاجُ إلى العَلَفِ، “والعَلف يشتي مطر والمطر من الله”، كلُها تشتي في النهايةِ، المحاصيلُ الزراعية تعتمدُ على الماءِ على المطر، فالله يقول {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}(الجن ـ 16).
عندما نأتي إلى المحاصيل الزراعيةِ إلى الزراعة، بلدُنا نحن في اليمن بلدٌ زراعي، ولكن مشكلتنا أين؟ نَصيحُ من الماء، مشكلةُ الماءِ في الأخير، مشكلةُ الماء أين حلُّها الأساسي؟ حلُّها الأساسيُ في التقوى، في الاستقامةِ على الطريقة، {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}.
عندما تكونُ مسألةُ أكلِ الزكاة ظاهرةً منتشرةً بشكلٍ كبير، والكثيرُ من المزارعين إما يأكلُ الزكاةَ بكلِها وإما يأكلُ أكثرَها، مشكلةٌ خطيرةٌ جدا، تُؤثرُ بشكلٍ مباشرٍ على البركةِ وعلى الخيراتِ وعلى الأمطار، والبعضُ يصرِفُها في غيرِ مَصارِفِها، في ما يأثمُ به حتى، وهذه مشكلةٌ أخرى.
عندما نأتي إلى مشكلةِ الإرث والأكلِ أَكْلا لَمًّا، أكل التراث والإرث أَكْلا لَمًّا، وعندما نأتي إلى مشاكلَ أخرى في المعاملةِ، في الغِش في استخدامِ المُبيداتِ الضارةِ بالناسِ والتي ينتشر بسببِها المرض، أنواعٌ كثيرة من الأمراضِ الفتَّاكةِ بما فيها السرطان، تخيّل عندما يصبحُ البعضُ من المزارعين مُتحملاً لوزرٍ بهذا المستوى من الفظاعة أنه على يَدِهِ وبِسببِه انتشرَ مرضُ السرطان فقتلَ إنساناً هناك وامرأةً هناك وطفلاً هناك، ويأتي يومَ القيامةِ ولديه مَلَفٌ، ملفُ قَتل، ملفُ أنَّه قاتلٌ، في الدنيا يقول “الحمدُ لله أنا ما قتلت ولا واحد”، يأتي يوم القيامة وقد قَتلَ عدداً كبيراً من الناسِ بالسرطان، لماذا؟ لأنه استخدمَ مكافِحاتٍ معينةً مبيداتٍ معينةً معروفٌ عنها أنها قاتِلةٌ أنها تُسببُ السرطان، مشكلةٌ خطيرة جدا.
عندما نأتي إلى عَدمِ التركيزِ من المزارعين ومن الدولةِ ومن الناسِ في البلدِ على التشجيعِ لإنتاجِ وزراعةِ المحاصيلِ الزراعية الضروريةِ، وفي مقدمتِها القمح، ونرى التركيزَ يزدادُ يوماً بعد يومٍ على زراعةِ القات، ومَن حَصَّل له “جِربة” يشتي يزرعها قات، قات، قات، وهكذا استمرارٌ في التركيزِ على القاتِ وفي التوسعِ في زراعةِ القات، وإهمالٌ لزراعةِ المحاصيل الضروريةِ والمهمة، هذه مشكلةٌ إضافية.
المشاكلُ تتعلقُ بنا نحن البشر، في وعينا نحتاجُ إلى تقوى لله، نحتاج إلى التزامٍ بتعليماتِ الله، احترامٍ للحلال واحترامٍ للحرام، بالانتهاءِ عن الحرامِ والعنايةِ بالحلال.
نحتاجُ إلى معالجةِ مشكلةٍ من أخطرِ المشاكل وأسوأ المشاكلِ الاقتصادية، الرِبا، الرِبا وهو فظيعٌ جداً وكارثي ومُدمِرٌ ومن أكبرِ الجرائمِ على الإطلاق، ولا يتصورُ ولا يستوعبُ الكثيرُ من المُرابين خطورةَ هذه المسألة، أنه بحسبِ الشرعِ الإسلامي وعندَ اللهِ سبحانه وتعالى هذا المُرابي مجرمٌ من أسوأ المجرمين ومن أكبرِ المجرمين في هذا العالم، ومن المرتكبين لأكبرِ وأفظعِ الجرائم، جريمةٌ رهيبةٌ جدا، جريمةُ أكلِ الرِبا، الوعيدُ من اللهِ سبحانه وتعالى بجهنّم والخلودِ فيها، والخلود فيها للذين يأكلون الرِبا ويتعاملون بالرِبا وعيدٌ مؤكَدٌ في سورةِ البقرة {وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة ـ 275)، وعيدٌ بالحربِ من الله إن لم ينتهِ الناسُ عن الرِبا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}(البقرة ـ من الآية 279)، وعيدٌ شديدٌ ولَعْنٌ.
عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) للذين يتعاملون بالرِبا وعيدٌ شديدٌ وإعلانُ حربٍ ومقاطعةٌ تامة، “آكِلُ الرِّبَا وَمَانِعُ الزَّكَاةِ حَرِبَايَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ” في الحديثِ الذي رُوي عن رسولِ الله صلواتُ الله عليه وعلى آلِه في معناه ما يؤكدُ على هذا، وهكذا نجدً تحذيراً ووعيدا شديدا، ونجدُ تأثيراتٍ كبيرةً جداً، لأنَّ الربا يُساهمُ في عمليةِ الفقر، تنمو أرصدةُ وتجارةُ قِلَّةٍ قليلةٍ من الناس، تَكبُرُ تجارتُهم، في المقابلِ ينتشرُ الفقرُ بشكلٍ كبيرٍ جداً في أوساطِ أكبرِ فئةٍ من الناس، تَكبُرُ شريحةُ الفقراء وتتسعُ دائرةُ الفقرِ في أوساطِ المجتمعِ لصالحِ أن تنموَ تجارةُ قِلَّةٍ قليلةٍ من الناس، تَكبُرُ تجارتُهم ويكبرُ مع ذلك البؤسُ والحرمانُ والعناءُ والفقرُ على الباقين وعلى الآخرين.
نحتاجُ إلى مكافَحةِ هذه الجريمة، وعلى الدولة أن تتخذَ إجراءاتٍ حاسمةً وجادة، أولاً تجاهَ مؤسساتِها هي التي تتعاملُ بالربا، المؤسساتُ التي هي ضمنَ قطاعاتِ الدولةِ وتتعامل بالربا يجب منعُها نهائياً من التعامل بالربا، ثم كذلك التجار عليهم أن يتقوا الله، وإذا لم يتقوا اللهَ يجبُ أن يعاقبوا أن يُمنعوا رغماً عنهم، من لم يتقِ اللهَ، من لم يَحترِم هذا الدينَ الإسلامي، من لم يَحترِم الشريعةَ الإسلاميةَ الذي ينصُ دستورُ هذا البلدِ على أنها المصدرُ الأساسيُ للتشريع فيجبُ أن يعلّمَهُ الناسُ كيف يَحترِمُ رغماً عنه ذلك، فإذا اتجهنا إلى تقوى اللهِ سبحانه و تعالى فاللهُ هو الرزاق، هذا جانب.
الجانبُ الآخرُ في أن نعيَ كيف نعمل بواقعنا، نحن كشعبٍ يمني، الأمة بشكلٍ عام، كيف نعالج مشاكلَنا التي هي بشكل تصرفاتٍ خاطئة، سياساتٍ خاطئة، إهمالٍ لأشياء مهمة، إغفالٍ لأشياء مهمةٍ تساعدُ على تحسينِ الاقتصاد وعلى معالجةِ مشكلة الفقر وعلى تقويةِ الإنتاجِ المحلي وعلى النمو الاقتصادي بوعي صحيح.
لاحظوا، كثيرٌ من الأشياء التي يعملُها الناسُ ـ وسيعملونها على أي حال ـ إنّما هم يعملونها بشكلٍ غيرِ مخططٍ ولا منظمٍ ولا مدروسٍ ولا واعٍ وبشكلٍ عشوائي، هذه العشوائيةُ هي آفةٌ كبيرةٌ في واقعِنا العربي وفي واقعِنا اليمني.
المشكلةُ الرئيسيةُ لنا هي العشوائية، العملُ غيرُ المخططِ ولا المنظم ولا المدروس ولا المحسوب، كلٌّ يشتغلُ على ما في رأسِه، وهذه مشكلةٌ جداً، مشكلة كبيرة جداً.
لاحظوا، من المشاكلِ البارزةِ هي الهجرةُ العشوائيةُ والكثيفةُ من الأرياف إلى المدن، والتكدُسُ في داخل المدن، وهذا ينتجُ عنه مشاكلُ كبيرة جداً، ثم يصيح الناسُ في نهاية المطاف من الكثافة السكانية، عندما يتكدسون مثلاً في صنعاء ويهاجرون من الأرياف، الأرياف التي فيها الزراعة، فيها المزَارعُ وفيها المساكنُ وفيها إمكانيةٌ جيدةٌ لتربية الثروة الحيوانية، ويهاجرُ الناسُ إلى المدن.
لاحظوا، على مستوى الكثيرِ من الناس الذين يهاجرون من الأرياف إلى المدن ويستقرون في المدن، يذهبُ من الريف من منزلِه، كان في منزلٍ له ساكنٍ فيه، في منزلِه، يصلُ إلى المدينة يسكنُ بالإيجار، يحتاج إلى كُلفةٍ إضافية في حياتِه هي الإيجار، وكانت هذه الكُلفة مخففةً أو غيرَ موجودةٍ كعبءٍ عليه في الريف، في منزله أو في منزلِ والدِه في الريف، كان لا يواجهُ مشكلةَ الإيجار ودفع الإيجار، يسكنُ بكلِ راحة.
ثم كلفةُ المعيشةِ في المدينة، كلُها كلفةٌ كبيرةٌ جداً، كلُ شيئٍ بثمن، تكادُ حتى الشمس أن تكونَ بثمن، تكاد، يعني كلفة المعيشةِ كبيرة جداً، يعني أن تكون ساكناً في الريف أو تكون ساكناً في صنعاء تجدُ فارقاً كبيراً في كلفة المعيشة ومتطلبات الحياة، وهذه الكلفة تُمثل عبئاَ وهمَّاَ على الانسان، كيف يُوفر هذا الفارقَ في التكاليف، يوفر حقَ الايجار، حقَ الماء، حقَ الكهرباء، حقَ التنقل، التنقلُ كلُه بفلوس، متطلباتُ الحياة تكبُرْ، متطلباتُ التغذية تكثُر، أشياءُ كثيرة، فيجدُ نفسَه مرهقاً بالتزاماتٍ مالية في معيشتِه، ويسعى إلى توفيرِها بأي طريقة، في الريف كان بالإمكان أن يكونَ مُنتِجاً على المستوى الزراعي، لم يعُدْ منتِجاً على المستوى الزراعي في المدينة، وصلَ في شقةٍ يستأجر أو منزل، لم يعد بيدهِ مزرعة، مزرعتُه في الريف أموالُه في الريف خلاص تعطلتْ انتهتْ، يتركُها البعضُ حتى تُدمرَ وتنتهي، أضف إلى ذلك الثروة الحيوانية، الثروة الحيوانية في المدينةِ خلاص مُنتهية، في الريف كان يكون لدى البعض أبقارٌ وأغنامٌ وماعز، ثروةٌ حيوانية ذاتُ قيمةٍ مادية، البعضُ كان يذهبُ ليبيعَ “كبشاً” في آخرِ شهرِ رمضان من ثروتِه الحيوانية يوفر مصاريفَ أسرتِه بكلِ متطلباتِ العِيد بكبشٍ يبيعه.
الثروةُ الحيوانية في المدينة تتعطل، المشاكلُ من الكثافة السكانية في المدن تكثُر، مشاكل معيشية، مشاكل أخلاقية، مشاكل اجتماعية، الترابطُ الاجتماعي ضعيفٌ في المدينة، سلبياتٌ تكثُر نتيجةَ هذه الهجرةِ من الأرياف الى المدن.
لماذا يهاجرُ الكثيرُ من الناس من الريف إلى المدينة؟ طبعاً مشكلتُنا على مدى عقودٍ من الزمن أن الدولةَ كانت تُهملُ الأرياف، خدمةَ الطرق، يواجهون مشكلةً كبيرةً في الطرقات، الخدماتِ الصحية، حتى المسانَدة لهم في الأريافِ للعناية بالزراعة، مشاكل تتعلقُ بالتعليم، المشاكل الخدمية بشكلٍ عام تُمثل مشاكلَ أساسيةً في الهجرةِ نحو المدن.
تستطيعُ الدولةُ أن تغيّرَ هذه السياسة، وأن تهتمَ أكثرَ بالريف، وهذا واجبُها وبحسب ما تستطيع، ويستطيع الكثيرُ من التجار ـ لو عقلوا لو فهموا ـ أن يجعلوا جزءاً من استثماراتِهم لصالح مشاريع إنتاجية تدعمُ البقاءَ في الأرياف، وتدعم الحياةَ في الأرياف، وتدعم المعيشة في الأرياف، وأن يستفيدوا من ذلك، والمسألةُ في الوقتِ نفسِه تحتاج إلى وعي لدى الناس.
إذا كان هناك سببٌ وجيهٌ وضروري للذهاب أو للهجرة إلى المدينة أو الانتقال نحو المدينة، مثلاً البعضُ اُضطروا في ظلِ ظروف العدوان، اُضطروا بسببِ القصفِ في مناطقِهم أو أصبحوا في مناطقَ فيها معاركُ وجبهاتٌ أو شبيهاً من ذلك، لكن ليس الكلُ مضطرًين لذلك.
البعضُ أحلامٌ وآمالٌ وتخيُّلاتٌ أنَّ الحياةَ في المدينةِ حياةٌ مُريحة، لكن عندما يتحولُ الملايين من أبناءِ هذا الشعب إلى هذه الحياة التي ليس فيها إنتاجٌ، يُعطّلون النشاطَ الزراعي ويذهبون للاستقرارِ في بيئةٍ يريدون فيها وظائف، تنشأُ ظواهرُ سيئةٌ جداً كالسرقةِ والجرائمِ الأخلاقية والجرائمِ الأمنيةِ وأشياءٌ كثيرةٌ تحصلُ بسبب ذلك، أو يتحولُ البعضُ في حياتِهم بالاعتماد على التسولِ وهذا يحصلُ للبعض، يذهبُ إلى المدينةِ ثم يعتمدُ في المدينةِ على التسول، وهذه كارثة.
ففي واقعنا البشري إذا عالجنا كثيراً من التصرفاتِ الخاطئة، سنعالج مشكلةَ الفقر، ونحرص على الإنتاج، ونعرف قيمةَ الأريافِ وأهميةَ الأرياف، وخطورةَ التكدسِ البشري في المدن، كذلك مشكلةَ التخطيطِ الحضري، التخطيطُ الحضري مسألةٌ مهمةٌ جداً، الناسُ يبنون، يبنون بشكلٍ مستمر، والنشاطُ العُمراني يتزايد، وكلنا نعرفُ في البلد مناطقَ كانت فاضيةً في الماضي أصبحت مُغطاةً الآن بالعُمران، الناسُ يبنون مساكنَ وينتشرون ويتوسعون، وهذا النشاطُ العمراني هو جزءٌ من الحياة، جزءٌ من حياة الناس، وهو يتزايدُ باستمرار، لكن بدونِ تخطيطٍ ولا تنظيمٍ وبشكلٍ عشوائي يُمثلُ مشكلةً في المستقبل، مشكلة معيشية، مشكلة خدمية، مشكلة على تنظيم الحياة.
من المهم أن يحرصَ الناسُ على الحفاظ على المناطق الصالحة للزراعة، تبقى للزراعة، بعض المناطق مثل الحقل في عَمران حقل البَون، مثل مناطق أخرى، الحقل في ذمار، الحقل في صعدة، مناطق خصبة جداً للزراعة، يأتي الكثيرُ يغطونها بالمباني والسكن والبيوت، البعضُ من القِطع التي يستخدمونها للسكن يُمكن أن تكونَ ذاتَ إنتاجٍ وفيرٍ من المحاصيل الزراعية، أرضٌ خصبةٌ جداً لو بَقيتْ مزرعةً كانت ستُنتج إنتاجاً وفيرًا جداً من المحاصيل الزراعية، يذهب ليجعلَ فيها بيتًا، مسكنا، والمسكنُ يمكنُ أن تبنيَه في أي مكانٍ حتى لو لم يكنْ مكاناً خصباً للزراعة، واترُك تلك القطعةَ لتكونَ مزرعةً.
التنظيمُ للبناءِ والعُمرانِ يراعى فيه موضوعُ الزراعة، يُراعى فيه موضوعُ الخدمات، يراعى فيه موضوعُ الطرقات، تنشأُ مشاكلُ الآن في مسألةِ الطرقاتِ نتيجةَ البناءِ العشوائي، يجبُ أن يراعى كيف تكونُ عمليةُ العُمران مضبوطةً، لتنشأُ لك في المستقبلِ مدنٌ ومناطقُ مبنيةٌ بشكلٍ صحيح، في العالم يخططون اليومَ لما يُسمونه بالمدنِ الخضراء، وهي فكرةٌ ممتازة جداً، المدنُ التي تُبنى بشكلٍ مُنظم، فيها المزارعُ، فيها الثروةُ الحيوانية، يُحسب فيها حسابَ أن تبقى الزراعةُ جزءاً من النشاطِ البشري، وأصيلةً في النشاط البشري.
الثروةُ الحيوانية كذلك، في الماضي كانت الأسرةُ اليمنية لديها الدجاج، ويتوفر لها البيض بشكل مستمر من دون أن تشتري البيض، كثيرٌ من الأسرِ في الماضي لم تكن تحتاجُ إلى شراءِ البيض، ولديها أبقار، بقرةٌ أو أكثر، ويتوفرُ لها الحليبُ واللبن، ولديها أيضاً الغنمً أو الماعز، الكثيرُ في بعضِ المناطق يتوفرُ لديهم الإبلُ والماعزُ وهكذا.
الثروةُ الحيوانية مهمةٌ جداً، اليوم حتى البيض مِن الخارج، وأكثرُ الأسر تحتاجُ إلى شراءِ البيض بعكسِ الماضي، بعكس الماضي.
فجزءٌ كبيرٌ من مشكلةِ الفقرِ يعودُ إلى تصرفاتِ الناس ومعاملاتِهم وسياساتِهم الخاطئةِ ونشاطِهم العشوائي، العشوائي، كثيرٌ من الأمورِ لا تحتاجُ إلى تمويلٍ إضافي إنما إلى تنظيم، إلى وعي، إلى فَهمِ كيفَ يكونُ التصرفُ الصحيح، وإلا سيتجه الناسُ في الأخير إلى معالجاتٍ خاطئة، إجراءاتٍ خاطئة، توجهاتٍ خاطئة في سبيلِ معالجة مشكلةِ الفقر والحصولِ على المال، معالجاتٍ محرَّمَةِ تصرفات محرَّمَةِ أعمال محرَّمَةِ، أعمال أحياناً إجراميةً للحصول على المال.
على العموم أنا لستُ خبيراً اقتصادياً، الناسُ يعرفون، حتى الكثير من المزارعين ممن يعرفون بالتجربةِ من الناسِ ممن يعرفون بالتجربةِ وممن يعرفون بالمعرفةِ والتعليمِ الكثير من الحُلولِ من المعالجاتِ من الإجراءاتِ الصحيحةِ والسليمة.
مشكلةٌ أيضا في البطالةِ، في التوجه نحو الأعمال ذاتِ الطابعِ الإداري والمكتبي، والهروبِ من الأعمالِ ذاتِ المجهودِ البَدني، المهمةِ جداً، الكثيرُ من الناس يريدُ أن يتوظفَ في مكتبٍ، يجلسُ على كرسي خلفَ الطاولة، لا يريدُ أن يعملَ في الحياةِ هذه، كَسَل، انتشارُ ظاهرةِ الكَسَلِ في الشبابِ وفي النساءِ في البناتِ الناشئات ظاهرةٌ خطيرة جداً “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، هذا مما رُوي عن النبي صلواتُ الله عليه وعلى آلِه في دعائِه، يجب أن نحافظَ على الروحِ العمليةِ وأن نترَبى عليها، على النشاطِ، على العطاء، على الجهد، على الإنتاج، إذا فقدَ الناسُ الروحَ العمليةَ واتجهوا نحو الكسلِ والتربيةِ القائمةِ على الدِعَةِ والإهمالِ فهذه قضيةٌ أيضاً خطيرةٌ جداً جداً.
القيمُ المتصلةُ بالعملِ في النزاهةِ في الجِدِّ في الإنتاجِ الصحيحِ في العملِ المُتقَنِ “إنَّ اللهَ يحبُّ إذا عمِل أحدُكم عملًا أن يُتقِنَه”، هذه المفاهيمُ، هذه المعارفُ يجبُ أن تكونَ حاضرةً في التثقيفِ الديني، في التعليمِ، في التوعية، في النشاط العام.
نكتفي بهذا المقدار، ونسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يُوفقَنا وإياكم لما يُرضيهِ عنّا، وأن يرحمَ شهدائَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جَرحانا، وأن يُفرِّج عن أسْرَانا، إنه سميعُ الدعاء، وأن ينصرَنا بنصرِه، إنه سميعُ الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه