أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبِين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
محاضرة اليوم تتعلق بقصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” وقومه، وقد وردت قصة نبي الله نوح وقومه في القرآن الكريم في عدة سور في القرآن الكريم، منها على مستوى كبيرٍ من التفصيل: (في سورة الأعراف، وفي سورة هود، وفي سورة الشعراء، وفي سورة نوح)، ومنها بمستويات متفاوتة في الإشارة إلى القصة في سورٍ أخرى كثيرة، وورد ذكر نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في القرآن الكريم لربما بأكثر من خمسٍ وثلاثين مرة.
وتعود قصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” إلى حقبة متقدِّمة في تاريخ المجتمع البشري، إلى زمنٍ طويل، ففي الدراسات التي أُجريت على السفينة المتوقعة أنَّها سفينة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، على جبل الجودي، بعض النتائج على ضوء تلك الدراسات تشير إلى أنَّ لها أكثر من مائة ألف عام، فهي في مرحلة متقدِّمة من التاريخ البشري.
والحقبة الزمنية الممتدة ما بين نبي الله آدم إلى نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، هي أيضاً حقبةٌ طويلةٌ بلا شك، الله أعلم على وجه التحديد كم هي بحساب السنوات، هل بآلاف السنوات؟ أم بمئات السنوات؟ لأن الروايات التاريخية المتعلقة بذلك لا يمكن الاعتماد عليها على جهة القطع، ولكنها- بلا شك- كانت حقبةً زمنيةً ممتدةً وطويلة.
ثم المرحلة من عهد نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” تعتبر مرحلة جديدة في تاريخ البشر؛ نظراً لما حدث في قصة الطوفان من هلاك، هلاك الكافرين والمكذبين، واستئناف البشر لحياتهم من جديد، وسنتحدث بشيءٍ من التفصيل فيما يتعلق بهذه النقطة أثناء الحديث عن القصة إن شاء الله.
يقال أنه كان ما بين نبي الله آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، إلى نبي الله نوح، في تلك الحقبة الزمنية التي امتدت بينهما، كان نبي الله إدريس “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وفي مرحلة لم يصل بعد فيها انحراف البشر وضلالهم إلى مستوى الشرك بالله، والكفر بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مرحلة متقدمة ما قبل ذلك؛ لأن آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” أتى بملة التوحيد، وبدأ حياته ومشواره على الأرض مع ذريته فيما بعد على ملة التوحيد، فكانت ذريته على ما كان عليه، وهو نبي الله وصفيه، واستمرت الأجيال البشرية على ملة التوحيد، والعبادة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لأجيال.
فنبي الله إدريس– كما يقال- ظهر في تلك المرحلة، ما قبل الانحراف في واقع البشر إلى مستوى الشرك والكفر بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأرسله الله ليواصل أداء مهمته، المهمة الرسالية التي يبعث الله بها الرسل والأنبياء، في العمل على هداية الناس، على تربيتهم التربية الإيمانية الصالحة، على التَّحرُّك بهم في مسيرة حياتهم وفق هدي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وشرعه ونهجه، ويقال أنه- إضافةً مع ما بذله من جهد لإصلاح المجتمع البشري، وتربيته تربيةً زاكيةً إيمانيةً، وتقديم تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” إلى الناس- أنه أسهم أيضا في ارتقاء واقعهم المعيشي، في حياتهم، في حضارتهم، وعلَّمه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أشياء جديدة في واقع حياتهم، منها كما في بعض الروايات التاريخية: الخياطة، وبعض الأشياء والمهارات التي يحتاجون إليها في الارتقاء بحياتهم وواقعهم المعيشي.
ثم امتد الزمن، وتعاقبت الأجيال، وتكاثر الضلال، وكبُر الانحراف، إلى أن تغيَّر واقع البشر إلى درجة مؤسفة جداً؛ عندما ظهرت فيهم عقيدة الشرك بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واتخاذ آلهة من دون الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كان هذا انحرافاً كبيراً وصلوا إليه، بعد أن تزايد الانحراف، وتزايد الضلال شيئاً فشيئاً، وهذا هو حال الناس إذا كانوا في حالة تمادٍ على الباطل، واستمراريةٍ في الضلال؛ يزداد ضلالهم، يزداد تماديهم في الباطل، يزداد انحرافهم في كل الأمور: على المستوى العقائدي، ومن غير المستوى العقائدي على المستوى العملي.
وخطورة الشرك، مع أنها عقيدة باطلة، ورهيبة، ومتنكرةٌ لأكبر الحقائق: حقائق أننا عبيدٌ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأنه إلهنا وحده؛ لأنه ربنا، ومالكنا، وملك السماوات والأرض، والخالق، فلا إله إلا هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ هي تنكرٌ لأكبر الحقائق على الإطلاق وأهم الحقائق، وهي تنكرٌ للعدل، للرحمة، مجافاةٌ للإنصاف، عندما يُعبِّد الإنسان نفسه لغير الله، لمن لا يملك فيه ولا في السماوات والأرض شيئاً، لا نقيراً، ولا قطميراً، ولا مثقال ذرة، وينحرف عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يوجِّهُ عبادته لغير ربه، لغير خالقه، لغير إلهه الحق، ملكه، ثم يُبنى على ذلك الانحراف عن هدي الله، عن رسالته، عن تعاليمه، هذه نتيجة خطيرة للشرك: الانصراف التام والإعراض الكامل عن رسالة الله، عن تعليماته، تصبح مرفوضةً جملةً وتفصيلاً، وهذه حالة خطيرة للغاية.
فعندما تعاظم الضلال، وتزايد الباطل، ووصل إلى هذه الدرجة، بعث الله نبيه نوحاً “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وأرسله إلى المجتمع البشري في عصره، كان المجتمع البشري في زمن نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” ما يزال محدوداً، لم ينتشر في بلدان كثيرة متباعدة، ويظهر من بعض الروايات والأخبار، وكذلك الأخبار التاريخية: أنَّ قوم نوحٍ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” كانوا ينتشرون في جزءٍ من العراق، ممتدٍ إلى أجزاء من أطراف تركيا المحاذية للعراق، وكذلك من أطراف سوريا المحاذية للعراق، فكانوا ينتشرون هناك، فأرسله الله إليهم.
مما هو ملفتٌ في قصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: أنها في تلك المرحلة التي ابتدأ فيها ذلك الانحراف الخطير، أو كان قد ظهر فيها وتعاظم فيها ذلك الانحراف الخطير: عقيدة الشرك بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والعبادة لغيره، فهي من أقدم مراحل الانحراف والضلال إلى ذلك المستوى.
مما هو ملفتٌ أيضاً في قصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: بقاؤه مع قومه لزمنٍ طويل، مع صبره عليهم صبراً عظيماً، في مقابل عنادهم، وتكذيبهم، وكفرهم، وإصرارهم على باطلهم، وكانت أعمار البشر في تلك المراحل لا تزال طويلة، يتعمَّر الإنسان مئات السنين، ومع ذلك فربما بقي معهم لأكثر من جيل، لأكثر من جيلٍ من أجيالهم، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}[العنكبوت: من الآية14]، المدة التي لبث فيها معهم رسولاً، يبلغهم رسالات الله، يعمل على هدايتهم، على إنقاذهم: {أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}، مدة طويلة تسعمائة وخمسين عاماً، {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}[العنكبوت: 14-15].
أيضاً نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” هو الأب الثاني للبشر، بعد انقراض سُلالات المؤمنين الذين نجاهم الله معه، انقرضت فيما بعد سلالاتهم، يعني: لم تستمر ذريتهم بشكلٍ مستمر، فانقرضت سلالات أصحابه الذين نَجَّاهُم الله معه في السفينة من المؤمنين، واستمر نسل أولاده، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” (في سورة الصافات): {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}[الصافات: الآية77].
كذلك فيما يلفت أيضاً في قصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، هو ما ذكرناه في البداية: أن البشرية استأنفت من بعد الطوفان مرحلةً جديدةً صافية على الإيمان، والتوحيد، وهدي الله، وتعليماته من جديد، عادت كما بدأت مع آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، ولكن بدأ فيما بعد ذلك التغيُّر والانحراف من جديد، لربما من زمن معين، أو من أجيال، بدأت حالة الانحراف كذلك تكبر، وتكثر، وتتعاظم من جديد، ويتغير الواقع البشري فيما بعد ذلك، ويعود إلى الضلال، إلى الشرك، إلى الكفر، وهذا شيءٌ مؤسف.
نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” من أولي العزم من الرسل، ومن أعظمهم منزلةً عند الله تعالى، وكان صبوراً، ونموذجاً لغيره من الأنبياء، وقدوةً في صبره لزمنٍ طويل على تبليغ رسالات الله تعالى، وهو يعاني من قومه فيما يواجهونه به من التكذيب، من الصد، من الإساءات، من الدعايات، من الاتهامات، من الإساءات الكثيرة، ومع ذلك صبر لزمنٍ طويل جداً.
قد يتعب الإنسان وهو يواجه تحديات ليست شيئاً في مقابل ما واجهه نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ” من معاناة، في ظل اهتمام عملي على مستوى عالٍ، اهتمام كبير ويستمر عليه، قد يتعب الإنسان من عشر سنين، من عشرين عاماً، من ثلاثين عاماً، فما بالك بتسعمائة وخمسين سنة من العمل المتواصل في تبليغ رسالات الله بجديَّة، باهتمامٍ كبير، عمل دؤوب ومستمر.
وكان شكوراً، أثنى الله عليه في القرآن الكريم ووصفه: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}[الإسراء: من الآية3]، (كَانَ عَبْدًا شَكُورًا): يشكر نعم الله عليه، ويُقَدِّر نعم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويسعى عملياً، يشكر الله في أقواله، وأعماله، وأفعاله، واهتمامه، ومسيرة حياته.
وكان أيضاً نشطاً جداً في عمله لتبليغ رسالات الله، فهو أيضاً قدوة، وما كان عليه من جد واهتمام ونشاط هو درسٌ مهم لكل العاملين في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولكل المؤمنين في اهتمامهم بالأعمال الصالحة، في تحركهم وفق هدي الله وتعليماته.
وكان حريصاً غاية الحرص على نجاة الناس، وهدايتهم، وإنقاذهم، كان يتحرك لتبليغ رسالات الله، ويسعى لهدايتهم بحرصٍ كبيرٍ على هدايتهم، برغبةٍ كبيرة، باهتمامٍ كبير.
في بداية القصة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[نوح: الآية1]، سنلحظ في الحديث عن القصة أن نتحدث على ضوء الآيات المباركة، ونتنقل على ضوء الآيات المباركة: آية من هنا، وآية من تلك السورة، وآية من تلك السورة… وهكذا.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” (في سورة نوح) قال في مستهلها: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}، الله، ربُّ العالمين، ملك السماوات والأرض، ربُّ الناس، وإلههم، وملكهم، في إطار تدبيره لشؤونهم؛ لأن هذا جزء من تدبير الله لشؤون عباده: أن يُقدِّم لهم تعليماته، أن يهديهم، أن يوصل إليهم هديه، في إطار تدبيره لشؤونهم، ورحمته بهم، من رحمته بعباده أيضاً: يرسل إليهم رسله، وأرسل نوحاً “عَلَيْهِ السَّلَامُ” ضمن هذه السُّنَّة من سنن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في هداية عباده، لهدايتهم، وإنذارهم، وتبشير من آمن منهم.
والرسالة هي من الله، الرسالة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ليست جهداً بشرياً، يرقى الإنسان في اهتماماته حتى يصل إلى درجة رسول، بل هي مسألة مرتبطة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فالرسالة منه، وهو “جَلَّ شَأنُهُ” الذي يختار من عباده ويصطفي من عباده رسلاً إلى الناس، يُعدهم لهذه المهمة ولأداء هذا الدور إعداداً مميزاً منذ البداية؛ ولهذا يقول: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}[آل عمران: الآية33]، فالله يُعدهم لتلك المهمة المقدسة.
والرسل (رسل الله) متميزون بكمالهم، في رشدهم، وزكائهم، زكاء أنفسهم، ورحمتهم، وحرصهم على هداية الناس، وصبرهم عليهم، ونصحهم لهم، وما يمنحهم الله من مؤهلات، لأداء تلك المهمة: مؤهلات للتبليغ نفسه، لأدائه على مستوى راقٍ وبيِّن، مؤهلات على مستوى المهمة في أدائها العملي، في واقعها العملي، وهكذا في كل ما يتصل بها.
ولذلك عظمة الرسالة والرسل والأنبياء أنهم: في إطار مهمةٍ عظيمةٍ مقدسة، لهداية البشرية، لإنقاذ الناس، ويَشدُّون الناس إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، حلقة وصلٍ بين المجتمع وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يوصلون إلى المجتمع تعليمات الله، وأوامر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولذلك ليست المسألة أنهم يدعون إلى أنفسهم، أو أن لهم مصالح شخصية، أو أهدافاً شخصية، يتحركون لفرضها على الناس، من أجل مكاسب شخصية وأمور شخصية، هم حلقة وصل يصلون المجتمع بهداية الله، بتعليمات الله، ويُعَبِّدون أنفسهم لله، فيكونون هم القدوة للمجتمع في السير على تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والالتزام بها، فمهمتهم عظيمة ومُقَدَّسة، وهم رحمةٌ من الله، وهم نعمةٌ عظيمةٌ من الله، وشأنهم عظيم، في مهمتهم المُقَدَّسة، فيما أهَّلهم الله له من تجسيد تلك المهمة، وتقديم الأسوة والقدوة فيها، وكمالهم العظيم، الذي هو أرقى كمال إنساني، في الكمال الإنساني أرقى كمال هو كمال الرسل والأنبياء؛ ولذلك فهم نعمةٌ عظيمةٌ من الله.
وهكذا كان نوح نبي الله ورسوله نعمة عظيمة على قومه، ولم يكن لهم من مبرر للكفر به، وقد بلَّغهم رسالة الله، ووجَّه إليهم دعوته، وأنذرهم، {أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ لأن التمادي في الباطل والضلال، والانحراف عن هدى الله تعالى، وتعليماته، والشرك بالله، والكفر بالله، له عواقب سيئة على المجتمع البشري في الدنيا وفي الآخرة: العذاب الأليم؛ فالله يُقيم حجته على عباده ما قبل ذلك.
هو توجَّه إلى قومه وأنذرهم: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[نوح: الآية2]، وعادةً ما يكون أقوام الأنبياء يعرفون عنهم الشيء الكثير: يعرفونهم بالأمانة، بالصدق، بالكمال، بالرشد، بالزكاء، بالحكمة، يعرفون أخلاقهم، قيمهم، استقامتهم؛ فهم شخصيات معروفة في مجتمعاتهم بذلك: بكمالهم، وزكائهم، وصلاحهم، ورشدهم، واستقامتهم السلوكية والأخلاقية؛ فهو أنذر قومه: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}، ودعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده، وترك الشرك والانحراف: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود: الآية26]، {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأعراف: من الآية59].
عندما نقرأ في القرآن الكريم في دعوة الرسل لأقوامهم، نجد– كما في هذه الآيات المباركة في قصة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”- أنَّ العنوان الأبرز، والعنوان الجامع، الذي هو عنوانٌ للرسالة الإلهية، ولدعوة الرسل والأنبياء، هو: الدعوة إلى عبادة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونبذ عبادة غيره، التوحيد لله في العبادة له وحده، {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، هذا العنوان هو فعلاً عنوانٌ مهمٌ وعظيمٌ، وهو عنوانٌ دقيق، يعني: هو الذي يعبِّر عن محتوى الرسالة الإلهية إجمالاً وتفصيلاً، وهو- في نفس الوقت- تحريرٌ للناس من العبودية لغير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
العبادة لغير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تأتي من جوانب متعددة:
- على مستوى العقيدة:
كما هو حال تلك الأقوام، التي اعتقدت أنَّ هناك مع الله شركاء له في الألوهية، آلهة مع الله، واعتقدوا أنَّ لهم أدواراً معينة مع الله في تدبير أمور الخلق، واعتقدوا أنهم مع كونهم- في اعتقادهم الباطل- آلهة، أنَّهم أيضاً يقرِّبونهم إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأنَّ لهم علاقة قوية بالله؛ فهم يعتقدون أنَّ الآلهة متعددة، يُقِرُّون بالله، هذا هو حال الأقوام.
ومن الشيء الغريب والملحوظ في كتب القصص، حتى في المسلسلات التي تتحدث عن قصص الأقوام والأنبياء، أنها تقدِّم صورة غير دقيقة عن واقع الأقوام، وكأنهم كانوا يجهلون بالله تماماً، وينكرونه تماماً، وهذا غير صحيح، يتَّضح من خلال الآيات القرآنية أنهم كانوا يعترفون بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وصولاً إلى مشركي العرب، في بعثة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” خاتم النبيين محمد بن عبد الله إليهم، كانوا يعترفون بالله، وأنه الذي خلق السماوات والأرض، وأنه الذي خلق البشر، أنه الذي خلقهم، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف: من الآية87]؛ فهم كانوا يُقرُّون بالله، ويعترفون بالله، وأنَّه خالق السماوات والأرض، وربُّ العالمين… إلى غير ذلك، أنه الذي يخلق ويرزق، ويحيي ويميت، ولكنهم كانوا يعتقدون في عقيدتهم الباطلة: أنَّ الآلهة متعددة، أنَّ مع الله آلهةً أخرى، يختلفون في معتقداتهم، كلٌّ له- في معتقده الباطل- آلهة معينة، يزعم أنها شريكةً لله في الألوهية؛ ولهذا يسمَّى ما هم عليه بالشرك، يسمَّى بالشرك؛ لأنهم اعتقدوا أنَّ مع الله شركاء في الألوهية، يعينونه في أمور الخلق من موقع الألوهية؛ باعتبارهم آلهةً معه، هذا الانحراف على المستوى العقائدي في العبادة لغير الله، وترتب عليه- بالتالي- بقية الأمور: هم يرفضون تعليمات الله التي أتت مع الرسل والأنبياء، ويتَّجهون بناءً على خرافات، ومعتقدات، وأفكار خاطئة، يتعبَّدون بها.
- أمَّا الانحراف الآخر أيضاً في العبادة لغير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فهو: في إخضاع النفس لما تعتبره بديلاً عن شرع الله ونهجه:
يعني: الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو ربُّنا، الذي له الأمر والنهي فينا، وهو مالكنا وملكنا، هو الذي يرسم لنا ما نسير عليه في هذه الحياة، منهجاً في هذه الحياة، يبيِّن لنا الحلال والحرام، وما نلتزم به من التزامات، ومسؤوليات في هذه الحياة؛ فالذي ينبذ شرع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويُخضِع نفسه في هذه الحياة لبديلٍ عن نهج الله، وعن شرع الله، وعن أمر الله، وعن هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فهو عملياً يعبِّد نفسه، ويعطي حق الأمر والنهي، وبقية ما يرتبط بحقوق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يعطيها لغير الله، يعتقد أنَّ لغير الله في نفسه حق التصرف، وملك الأمر والنهي فيه، وأن يفرض عليه ما يشاء ويريد، بدلاً عن منهج الله، وعن هدي الله، وعن تعليمات الله.
ولذلك فهناك على المستوى العقائدي عبادة لغير الله، ويتبعها بالتالي الواقع العملي، الواقع العملي الذي ينصرفون فيه بشكلٍ تام عن منهج الله وهديه ورسالته.
ثم على المستوى العملي: في الرفض التام لهدى الله وتعليماته ورسالته على المستوى العملي، وإخضاع النفس إخضاعاً تاماً لغير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيما هو بديلٌ عن نهجه وشرعه وملته.
فالأنبياء هم يحررون الناس؛ لأنهم يصلونهم بتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وينقذونهم على المستوى العقائدي من عقيدة الشرك في الألوهية؛ وبالتالي على مستوى الطاعة، والعمل، والاتِّباع، يسيرون بهم وفق رسالة الله، فيما فيها من تعليمات الله، من شرعه، من أوامره ونواهيه.
فرسالة الله هي تحريرٌ للناس من العبودية للطاغوت، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: من الآية36]، فهي إنقاذٌ للناس في تعبيدهم أنفسهم لغير الله إلههم الحق، على المستوى العقائدي، وعلى المستوى العملي؛ ولذلك هو عنوان جامع، عنوان واضح، وعنوان يعبِّر عن محتوى وفحوى الرسالة الإلهية.
فماذا كان موقفهم من رسالته ودعوته؟ مجتمع قوم نوح، المجتمع البشري في تلك المرحلة كان مجتمعاً عشائرياً، يعني: لم يكونوا بشكل دولة، دولة، وحكومة، وسلطة، كانوا مجتمعاً عشائرياً، وقبلياً، وكان الناس فيه مرتبطين بزعمائهم، بوجهائهم، زعماء تلك العشائر والقبائل.
هو في دعوته وجهها للجميع، إلى قومه جميعاً، خاطبهم جميعاً: الزعماء وغير الزعماء، الكل، وجَّه دعوته إليهم جميعاً، وخاطبهم جميعاً، وأوصل رسالة الله إليهم جميعاً، هذه سُنَّة في تبليغ الرسالة الإلهية لكل الرسل والأنبياء: أنهم يوصلون رسالة الله إلى الناس جميعاً، ويبلِّغون الجميع، ولا يحصرون عملية التبليغ- مثلاً- إلى الزعماء، أو الوجهاء، ويتركون البقية، لا يوصلون إليهم هدى الله وتعليماته.
مع وضعهم العشائري، تصدَّر زعماؤهم ووجهاؤهم الموقف من دعوة نبي الله نوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، ومن الرسالة الإلهية؛ فكذبوه، ووجَّهوا له التهم، وشنوا عليه الدعايات، وهناك قائمة طويلة من تشكيكهم في رسالته ودعوته، واتهاماتهم التي وجهوها له، وكذلك الدعايات التي شنوها عليه، {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ}[الأعراف: من الآية60]، الملأ من قومه تصدَّروا الموقف، وردُّوا عليه، وعلى تبليغه للرسالة، {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الأعراف: من الآية60]، وجَّهوا له التهمة والتشكيك في رسالته، وفي دعوته، واتَّهموه بالضلال المبين، اتَّهموه أنه في غواية وضلال واضح، وهم الذين هم في ضلال واضح، جعلوا دعوته إلى عبادة الله وحده أنها غواية وضلال واضح.
الملأ لماذا يتصدَّرون الموقف؟ عادةً تكون لهم مصالح مرتبطة بالوضع الذي يكون الناس فيه، يعني: تلك الحالة من حالة الضلال والباطل، أصبح لهم مصالح مرتبطة بها، بذلك الواقع، بتلك الظروف، بتلك الحالة التي الناس فيها، يبنون نفوذهم ومصالحهم بطريقة غير صحيحة، يعتمدون فيها على الإغواء للناس، على الإضلال للناس؛ حتى يكون لهم من بقاء الناس على الضلال، وعلى الباطل، مصلحة تعود إلى نفوذهم، الحفاظ على نفوذهم وسيطرتهم، وأحياناً مصالح مادية:
- البعض– مثلاً- يبيع ويشتري في الأصنام، مهمته وعمله وكسبه يعتمد على صناعة الأصنام وبيعها، فهو يتصور أنَّ الناس إذا آمنوا تركوا الأصنام؛ وبالتالي لن تبقى له تلك التجارة، يريد أن يحافظ على تلك المصلحة المادية، بأن يبقى الناس في ضلالٍ مبين، في ضلال رهيب، في انحراف خطير.
- البعض من الناس– كذلك- نفوذه يعتمد على الظلم، الممارسات الظالمة، الابتزاز، الإذلال للناس، الحصول على الأموال والمصالح المادية بطريقة غير مشروعة؛ فيجد رسالة الله، وتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لن تترك له المجال ليواصل ما هو عليه من الظلم، والابتزاز، وأخذ المال بغير حق، واعتماد وسائل غير مشروعة، فيرى فيها أنها تعارض مصالحه… وهكذا عدة اعتبارات.
- البعض– مثلاً- ستكون حساسيتهم أنَّ إيمان المجتمع بنوح “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، معناه: ارتباطهم به، وأنه- بالتالي- سيكون هو الأعلى شأناً في المجتمع، وأنَّ المجتمع سيرتبط به فوق ارتباطه بهم، وهم لا يريدون ذلك، عندهم عقدة الكبر، عقدة الكبر، عقدة المصالح الموهومة الزائفة، مع أنَّ مصلحة الناس جميعاً: كباراً وصغاراً، وجهاؤهم، ومجتمعاتهم، ومواطنوهم، مصلحة الجميع هي في الاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو يؤتي كلَّ ذي فضلٍ فضله، الإنسان ستكون له قيمته واعتباره الإيماني، الذي هو أهم من اعتبار المصالح الموهومة، أو الاعتماد على أمور أخرى غير مشروعة.
فهم واجهوه بالاتهامات، ووجَّهوا له التهمة، وتصوَّروا أنهم هم من يُعنا بتحديد الموقف، وإذا حددوا الموقف؛ فينبغي للآخرين أن يلتزموا بما قد حددوه هم من موقفٍ خاطئ، وبما أنهم هم من قد رأوا ذلك، وهم يقدِّمون للمجتمع أنهم هم الأصل في المجتمع، أصحاب الرأي، أصحاب الخبرة، أصحاب التجربة، أصحاب القرار، أصحاب النفوذ، فقد حسموا موقفهم بناءً على ذلك، وهذه رؤيتهم، اعتبروه في ضلال في دعوته، وشككوا في رسالته.
واتِّهامهم لم يكن يستند إلى أي شيء، مجرد أنهم قد ارتأوا رؤيتهم الشخصية، رأيهم الشخصي، أرادوا أن يكون هو كافياً في الموقف من رسالته، دون الاستناد إلى حجة، إلى دليل، إلى برهان… إلى غير ذلك.
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف: الآية61]؛ لأنه ليس هناك أي شيء يدل على أنه قد ضلَّ، أو غوى عن الحق، أو خرج عن الحق فيما قدَّمه، ما قدَّمه إليهم، دعوته إليهم، بما فيها من التفاصيل، وعنوانها العام، القرآن يوجز لنا حتى في العناوين، لكن يدخل تحت ذلك تفاصيل في حواره مع قومه، فليس هناك أي ضلالة فيما قدَّمه.
{وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}[الأعراف: 61-62]؛ لأن الله هو رَبُّكُم، رَبُّ العالمين؛ وبالتالي على الناس أن يتقبَّلوا رسالته، ليست المسألة متروكة لآراء الناس، ومزاجهم الشخصي، المزاج الشخصي للإنسان: [أنا لا أرغب بهذا، أنا لا أريد هذا]، رسالة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هي الحق، هي الهدى، هي النور، هي الخير للناس، وليست الآراء والأفكار الشخصية، الناتجة عن مزاج شخصي لهذا أو ذاك، بحيث يعتمد عليها المجتمع بدلاً عن رسالة الله.
{وَأَنْصَحُ لَكُمْ}[الأعراف: من الآية62]؛ لأنه يقدِّم لهم ما يقدِّم- فعلاً- من منطلق النصح لهم بإخلاص، بإخلاص، نصيحةً خالصةً صحيحة.
{وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: من الآية62]، هو يعلم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، من هديه وتعليماته، ما هم جاهلون به، وهم بحاجة إليه، ويوصله إليهم، ويعلم أيضاً من عواقب تكذيبهم، ما سيحصل عليهم من العذاب، ويشفق عليهم.
{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: الآية63].
نستكمل- إن شاء الله- القصة في المحاضرات القادمة.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛