ازدواجيّة معايير الأمم المتّحدة في التّعامل مع الشّرعية في صنعاء
ازدواجيّة معايير الأمم المتّحدة في التّعامل مع الشّرعية في صنعاء
كتب / د. عبدالإله حجر
لم يكلّف الأمين العام للأمم المتحدة ومساعدوه أنفسهم توجيه الشؤون القانونية في الأمانة العامة لإصدار فتوى حول أحقية الحكومة اليمنية في صنعاء في شغل مقعد اليمن في الأمم المتحدة.
يخالف الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ميثاق الأمم المتحدة وجميع القوانين والأعراف الدولية باعتماد ممثل دائم لليمن لدى الأمم المتحدة في نيويورك والمقر الأوروبي لها في جنيف، لا يمثل اليمن، دولةً وحكومةً وشعباً، حيث لا شرعية لمن يُدعى عبد ربه هادي رئيساً، ولا لما يُسمى الحكومة التي يترأسها في الوقت الراهن معين عبد الملك سعيد، وجميعهم مقيمون في الرياض.
انتهت ولاية من يسمى رئيس الجمهورية في شباط/فبراير 2014، بموجب المبادرة الخليجية المزمنة التي حددت له الولاية لسنتين فقط، بدأت في شباط/فبراير 2012، وجدّد له من لا يحق له فعل ذلك، وهو “مؤتمر الحوار الوطني”، لمدة عام واحد فقط.
وفي عملية خداع، استقال عن منصبه في 21 شباط/فبراير 2015. أما ما يسمى “الحكومة الشرعية”، والتي كانت نتاج اتفاق السلم والشراكة، وترأسها خالد بحاح، وحازت ثقة البرلمان اليمني في 22 كانون الثاني/يناير 2015، فقد أعلنت استقالتها في 21 شباط/فبراير 2015، ثم استأنفت أعمالها من الرياض، عاصمة السعودية، عقب شنّ العدوان السعودي على اليمن في 26 آذار/مارس 2015، ثم أقيل خالد بحاح، وشكّلت حكومة جديدة في الرياض برئاسة أحمد بن دغر في 4 نيسان/أبريل 2016، ولم تحظَ تلك الحكومة بثقة البرلمان اليمني. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 2018، تمت إقالة أحمد بن دغر وإحالته إلى التحقيق، وتعيين معين عبد الملك سعيد رئيساً لثالث حكومة في الرياض، ولم تنل كسابقتها ثقة البرلمان اليمني، الذي لا يزال حتى يومنا هذا يمارس أعماله من الرياض؛ عاصمة دولة العدوان السعودي.
يتّضح مما سبق أنَّ ما يُسمى بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وما يسمى بالحكومة الشرعية المتواجدة في الرياض منذ 5 أعوام، لا تحمل الشرعية الدستورية، ولا تقيم في أراضي الجمهورية اليمنية، ولا أثر لها في إدارة الشؤون اليمنية الشعب اليمني ورعايتها وخدمتها، وتتلقى جميع التوجيهات المتعلقة بإدارة شؤون أفرادها وأعوانهم المقيمين معهم أو من ابتعثتهم لتمثيلها في الخارج، ومن ضمنهم الممثلون في نيويورك وجنيف وفيينا من قبل النظام السعودي المعتدي والمحتل لبعض الأراضي اليمنية.
كما أن اللجنة الوزارية الرباعية الخاصّة باليمن، والمكوّنة من وزراء خارجية كلٍّ من أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، لم تضمّ في تكوينها ما يسمى “الحكومة اليمنية الشرعية”، وهذا أكبر دليل على عدم جدواها.
أمّا صنعاء، عاصمة الجمهورية اليمنيَّة، فتوجد فيها حكومة شرعيّة دستوريّة، هي حكومة الإنقاذ الوطنية، برئاسة الدكتور عبد العزيز بن حبتور. وقد حازت ثقة البرلمان اليمنيّ في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، ولا تزال حتى اليوم تمارس أعمالها. ويحظى أكثر من 24 مليون يمنيّ بحمايتها ورعايتها وخدماتها، رغم العدوان الغاشم وانقطاع الموارد والحصار الجائر الَّذي تفرضه دول العدوان.
ورغم مرور قرابة 5 سنوات ونصف السنة على العدوان على اليمن، فإنَّ الأمم المتحدة تتجاهل الحقائق الواردة أعلاه، والتي تثبت أنّ من يستحقّ تمثيل اليمن في الأمم المتحدة هو من تبتعثه السلطة الوطنية الشرعية في صنعاء، كما تُصرّ كذلك، بضغوط سعودية وأميركية، على عدم السماح لممثل عن حكومة الإنقاذ الوطنية بالمشاركة في الاجتماعات الدورية لمجلس الأمن، الخاصة بمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن المتعلق باليمن، باعتباره أحد أطراف ما يسمى بالصراع، وللاستماع إليه في إطار الكلمات التي يلقيها ممثّلو الدول الأعضاء، ولمن يُسمى “ممثل اليمن”، والإحاطات من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، والأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية، وغيرهم.
لم يكلّف الأمين العام للأمم المتحدة ومساعدوه أنفسهم توجيه الشؤون القانونية في الأمانة العامة لإصدار فتوى حول أحقية الحكومة اليمنية في صنعاء في شغل مقعد اليمن في الأمم المتحدة، وهي دلالة على عدم احترام ميثاق الأمم المتحدة وممارسة التحيّز وازدواجيّة المعايير.