قلت له يا سيدي لديهم استفسارات عن عذاب القبر، وموضوع الصحابة، وكتب التفسير والحديث، والأصول وعلم الكلام، ورفع الشعار في المسجد؟ وأخذت أعدد وأشرح، وتعرفون في تلك الفترة وما قبلها كان هناك حملة دعائية شرسة ضد السيد، وترويج للتهم ونشرها على أوسع نطاق، منها أنه يسب الصحابة،
قلت له يا سيدي لديهم استفسارات عن عذاب القبر، وموضوع الصحابة، وكتب التفسير والحديث، والأصول وعلم الكلام، ورفع الشعار في المسجد؟ وأخذت أعدد وأشرح، وتعرفون في تلك الفترة وما قبلها كان هناك حملة دعائية شرسة ضد السيد، وترويج للتهم ونشرها على أوسع نطاق، منها أنه يسب الصحابة، وينكر السنة النبوية، ويتكلم على العلماء، ووو… الخ.
أشياء كثيرة كانت كلها من صنع أجهزة النظام والمخابرات ضمن مسلسل الحرب الإعلامية علي السيد حسين “رضوان الله عليه”، تلك التهم والدعايات والشائعات التي ظلت تلاحق أنصار الله بشكل مستمر، طبعا أصحابي لم يكونوا متأثرين بهذا النوع من الدعايات والشائعات فهم يعرفون زيفها وبطلانها، بل كان هناك في أذهانهم أشياء عالقة تدعو للسؤال والاستغراب أمام الكثير من القضايا التي طرحها السيد في الدروس والمحاضرات، وخاصة عندما تسمعها لأول مرة، وليس لديك اطلاع مسبق عن ما دونه التاريخ، وما حصل من أشياء رهيبة، مع أنهم – أقصد أصحابي- كان قد استوعبوا نوعا ما وبشكل جيد، لكن بقي كما أسلفت ما يحتاج للاستيضاح للاطمئنان من جهة، وزيادة المعرفة من جهة أخرى، بدأت أسردها للسيد قضية قضية بشكل متسارع تاركا للزملاء تقديم أسئلتهم بوضوح، بدأ السيد حديثه معنا وكلنا آذان صاغية، وأجاب عليها نقطة نقطة.
بدأ الشباب يتفاعلون ويرتاحون، وبعضهم يشاركون ببعض المداخلات البسيطة، وكان أكثر ما تم الخوض فيه رفع الشعار في المسجد، والبعض الآخر يصغي تماما.
تبخرت كل تلك الإشكالات والتساؤلات، هل تصدقون أنهم تحولوا ١٠٠٪ وأصبحوا فيما بعد أفضل مني بكثير، وسجلوا أعظم المواقف، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا، حتى ذلك الشخص الذي قال لي والله ما أنا مقتنع برفع الشعار في المسجد لو يجلس السيد يحدثنا للصبح، استمتعنا بتلك الجلسة الرائعة التي كان لها حلاوتها وطراوتها، ونكهتها الخاصة، ولا يمكن أن أنساها ما حييت، مضى بنا الوقت لساعات حتى قرب طلوع الفجر بشكل متسارع دون أن نحس أو نشعر، فالسيد كان محاورا متميزا، وأسلوبه جذاب وأخاذ، ولديه قدرات فذة ونادرة في الحوار والإقناع، واستجلاء الواقع، وحلحلة العقد والتراكمات الخاطئة في أي جانب، وأي مجال كما أسلفت، وفعلا لم يأت إليه أحد إلا وأقنعه، وترك فيه عظيم الأثر، بأسلوبه الهادئ والحكيم، فالسيد لم يكن يفرض قناعاته على أحد، ولم يوجه أحد إلزاما بفعل وعمل شيء، حتى أن عمله كله كان من بيته، ولم يتحرك في هذه الفترة ويتنقل في المناطق لدواع عدة أمنية واجتماعية وغيرها، وحتى لا يقال بأنه يقتحم ويهاجم المناطق، ويفرض عمله على الناس، وقد حاولوا الترويج لهذه التهمة ولم تنجح مثلها مثل غيرها.
كان الناس هم الذين يأتون إليه ويقصدونه إلى منزله، وكان عمله يتركز على التوعية والتبيين، والحث على الاهتداء بالقرآن الكريم وتعلمه، وتوزيع ونشر الشعار والمقاطعة، والدعوة الطوعية لرفع الشعار وترديده في المساجد والاجتماعات، ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وهذا كان شيئا أساسيا، هذا خلاصة كل ما كان يعمله السيد ويدعو إليه، وهذا بالطبع شيء كبير جدا وفي غاية الأهمية.
ما أقصده هو أن عمل السيد كله كان علنا وعلى رؤوس الأشهاد، فهو لم يعمل ويشتغل بطريقة تنظيمية سرية معقدة، ولم يكن هناك خطط تنظيمية، أو أدبيات أخرى سرية، أو بناء تشكيلات وخلايا، أو تجهيز مواقع وتحصينها، ولا معسكرات للتدريب، ولا تدريبات عسكرية ولا شيء من هذا كله، ولا أي أعمال أخرى يقوم بها سرا، ولا حتى اجتماعات ولقاءات مغلقة إطلاقا، فطول تلك الفترة لم أره ولم أعلم أنه عقد اجتماعا مغلقا وخاصا إلا مرة واحدة قبل الحرب مع اللجنة المرسلة من الرئيس لمدة يومين تقريبا لم يخرج فيها السيد للمجلس – طبعا سنعود لاستكمال مواضيعنا في جلسة الحوار والنقاش فابقوا معنا.
كل ما كان يقوله السيد، وكل ما صدر عنه من توجيهات وتعليمات، وكل اللقاءات والجلسات، والدروس والمحاضرات – من بعد دروس المدرسة- كل شيء كان يقال ويطرح على الطاولة في مجلسه ودروسه تلك، وكل ما قاله السيد ودعا إليه، ووجه به هو كل ما تضمنته الدروس والمحاضرات، وليس هناك شيء آخر،…… يتبع.