يقول: بعد يوم مررت على السيد إلى مجلسه فأعطاني مبلغا من المال عبارة عن مئات وخماسين وعشرات وعشارين، وريالات سعودي وقال: أعذرني هذا هو المبلغ الذي استطعت توفيره،
خذه واذهب إلى عمك وسلمه المبلغ وخذ زوجتك وأولادك، يقول: عرفت من تنوع عملات ونوع المبلغ أن السيد ما معه شيء وإنما دبر هذا المبلغ من الناس ويمكن تسلفه، وذهب إلى عمه سلمه المبلغ وأخذ زوجته وأولاده.
موقف بسيط من عدة مواقف تعكس عظمة شخصية السيد، وحسن أخلاقه ومعاملته واهتمامه بالناس، وتأثيره فيهم.
لقد كان السيد مؤثرا جدا، مؤثر بكل ما تعنيه الكلمة، بكلامه، وحواره، وأسلوبه، كان حديثه شيقا وممتعا جدا، يتحدث لساعات لا تشعر بلحظة ملل أو فتور ونعاس، كان مؤثرا بصوته، بحركاته، وإشاراته، ونظراته، والتفاتاته، كل شيء فيه مؤثر وجذاب بالشكل الذي لا يتصوره ولا يتخيله إلا من عرفوه وجالسوه، للدرجة التي قالوا فيها عنه أنه ساحر، وأخذوا ينشروها ويروجوا لها بين الناس، وفي كل مكان، وبزخم كبير، وتبناها الإعلام الرسمي في كل وسائله الإعلامية، حتى أن البعض اعتقد صحة ذلك، وكان يخاف ويتهيب زيارته ولقاءه خوفا من تأثره، وكانوا يقولون ويروجون أن معه (دن) تبريز ماء يشرب منه كل من حضر عنده، ومن شرب منه سحره، ونشروها في كل مكان، وفي أوساط الجيش أثناء التعبئة الخاطئة والتحريض، وكان يروج لها النظام ويتبناها، ورأس النظام حتى أصبحت عقيدة عند المغفلين والسطحين، وهدفهم تحذير وتنفير الناس منه وعنه، عندما عجزوا عن المواجهة الفكرية والثقافية والتأثير في أنصاره وطلابه، وتغيير قناعاتهم، والصمود أمامهم، حتى الأشبال الصغار كانوا على أرقى درجات الوعي والفهم والثقافة في تلك الأيام، عندما بهتوا وعجزوا ابتكروا هذه الدعاية، ونشرتها الاستخبارات والأمن السياسي والقومي، وكانوا دائما يرددوها على المساجين، ودائما يقولون لنا أنتم سحركم الحوثي وشربتوا من الدن، قالوها لأهداف خبيثه وشيطانية، وهم يعبرون بها عن شدة التأثير الذي كان يصنعه السيد حسين في الآخرين، وقوة الإقناع الذي يشبه السحر، وما يتميز ويتمتع به من كاريزما وحضور وتأثير منقطع النظير، للدرجة هذه التي قالوا فيها إنه ساحر، إنها نفس التهمة التي واجه بها الطغاة والمستكبرون جميع الأنبياء والمرسلين، ونبينا محمد صلوات الله عليه وآله (وقال الكافرون هذا ساحر كذاب) وكما قال فرعون في مواجهة موسى: (قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم) عندما عجزوا عن مواجهة بيناتهم وحججهم، وهذا هو التأثير الذي يصنعه هدى الله وأعلام الهدى في كل مكان وزمان، البيان الذي يشبه السحر كما في الأثر “إن من البيان لسحرا” فكل من زار السيد وسمع منه وناقشه وحاوره كان ينبهر وينجذب ويذوب ويفقد السيطرة على نفسه، ويندهش من شدة التأثر والإعجاب، هكذا عرفته، وعرفت كل من زاره وحاوره وناقشه يتأثر وينجذب، عشرات ومئات الجلسات جلسنا معه نستمع له، ولحواراته، ومناقشاته مع زوار من مختلف المناطق، لا تملك نفسك ولا تستطيع إلا أن تسمع بقلبك قبل أذنك، ولا تستطيع أن تتحرك في مكانك، تتسمر أمامه لساعات وأنت تصغي بكل مشاعرك ووجدانك وأحاسيسك وقلبك وجلدك ودمك، ولحمك وعظمك، كلماته تنساب وتلامس شغاف قلبك، وتأسر لبك، أقسم بالله لم أكن أجرؤ أن أتحرك في مكاني أو أحرك القات حتى لا يسمع صوت للقرطاس، وهكذا المئات يحضرون وكأن على رؤوسهم الطير من شدة التأثر والانجذاب والاندهاش، يتلوا الآية ويستشهد بها فيقشعر بدنك كأنك لأول مرة تسمعها، هكذا صنع وترك في نفوس الآخرين، جمعت السلطة واستعانت بكل علماء اليمن من شوافع وزيود ووهابيين، وأكاديميين ومحاضرين، وبلغاء وفصحاء، واستقدموا فطاحلة التأثير والبيان في العالم، وجاؤا من مصر بعمرو خالد الداعية الإخواني العالمي الكبير والمشهور، ليقنعوا المكبرين ويغيروا شيئا من قناعاتهم وثقافاتهم، لم يستطيعوا جميعا أن يحدثوا فيهم أدنى اهتزاز أو تأثير ناهيك عن التغيير، عجزوا وفشلوا وخابوا، وعادوا خاسرين، إنه التأثير الإلهي الذي كان أشبه شيئا بالمعجزة، وقفوا معي عند هذا المشهد قليلا:
– أحد الآباء من مديرية أخرى فقد ابنه لعدة أشهر ولم يعرف عنه شيئا، سأل عنه وبحث في كل مكان، هناك من قال له أنه عند السيد، ذهب إلى “مران” في رحلة البحث عن ولده، وصل “مران” والتقى بالسيد زيد علي مصلح سأله عن ولده، قال لا أعرفه وأول مرة أسمع بهذا الاسم، ولكن اذهب إلى عند سيدي حسين فقد تجده هناك، يقول صعدت إلى منزل السيد، دخلت المجلس وكان في محاضرة، بعد المحاضرة اقتربت منه أسأله عن ولدي قال لا أعرفه، ولكن أسأل الشباب إذا يعرفوه، ورغم كل الإجراءات الأمنية المشددة إلا أنك كنت تلمس بساطتها وسلاستها، ويلتقي السيد بكل من يأتيه، ويسمع منه، يقول سألتهم ولكن لم يعرفه أحد، ويضيف – وهو الرجل الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وأكثر وقته مغترب في السعودية،…يتبع.