المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد 1440 هـ 2019م

 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الحقُ المبينُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه خاتمُ النبيين.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ وباركت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.

وارض اللهم بِرضاكَ عن أصحابِه الأخيارِ المُنتجبين وعن سائرِ عِبادِك الصالحين.

أيها الأخوةُ والأخوات، السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته..

وتقبّلَ اللهُ مِنّا ومِنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمالِ، اللهم اهدنا وتقبل منّا إنكَ أنتَ السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.

مَرَّ بنا في الأمسِ في الحديثِ عن المبدأِ العظيم والذي هو مبدأُ التوحيد الذي يقومُ عليهِ الدينُ الإلهيُ بكلِه، وعن أهميةِ هذا المبدأ، الأهميةُ الكبيرة بالنسبةِ لنا في حياتنِا وفي علاقتِنا باللهِ سبحانه وتعالى وفي مُستقبلِنا بالآخرة، وأشرنا إلى ما يُستفاد من قولِه جلَّ شأنُه {لا تَجعَل مَعَ اللَّهِ إِلٰهًا آخَرَ فَتَقعُدَ مَذمومًا مَخذولًا}(الإسراء ـ 22)، ما تفيدُه هذه الآيةُ المباركة ما يُفيده قولُه تعالى {فَتَقعُدَ مَذمومًا مَخذولًا}، من خُطورة اتخاذِ آلهةٍ من دونِ اللهِ سبحانه وتعالى سواءً على المستوى العقائدي كما هو حالُ الكثيِر من المُشركين، أو على المُستوى العملي، والذي هو واردٌ في حالةِ المنتمين للدِينِ الإلهي ثم يَحصلُ انحرافٌ في الواقعِ العملي.

ومبدأُ التوحيد هو مبدأٌ عظيمٌ في رَبطِ الإنسانِ في حياتِه بالرعايةِ الإلهية، الإنسانُ من خلالِ مبدأ التوحيدِ ـ إذا استوعبَ هذا المبدأَ وآمَنَ بهِ ورسَّخهُ في نفسِه ووجدانِه وانطلقَ في مسيرةِ الحياةِ على أساسِه ـ حينها يحظى الإنسانُ برعايةٍ إلهيةٍ واسعةٍ، ويتحركُ وينطلقُ في واقعِ هذه الحياةِ وهو معتمدٌ على الله مُرتبطٌ برعايةِ اللهِ سبحانه وتعالى، أما الآخرون الذين ينطلقون بالاعتمادِ على اتخاذِ آلهةٍ أخرى شريكةٍ مع اللهِ سبحانه وتعالى بالنسبةِ لهم يُشركونَها ويُشرِكون بها في عقيدتِهم أو في واقعِ حياتِهم، فَهُم بكلِهم في دائرةِ الخُذلان وفي دائرةِ الضَعفِ وفي دائرةِ الحِرمانِ مِن كثيرٍ من أشكالِ الرعايةِ الإلهيةِ والتوفيقِ الإلهي والهدايةِ الإلهية، وبالنتيجة هم خاسرون.

ونحن كمسلمين في أمسِّ الحاجةِ إلى ترسيخِ مبدأِ التوحيدِ ترسيخاً كبيراً لكي تتحققَ لنا الثمرةُ من هذا المبدأ على المستوى النفسي في الخوفِ مِن اللهِ سبحانه وتعالى والرغبةِ إليهِ، وفي أن نتحررَ تحرُراً كاملاً من الخوفِ من غيرِه جلَّ شأنُه، لا نكونُ ممّن يخافون غيرَ اللهِ أكثرَ مِن اللهِ، أو ممن يرغبون إلى غيرِ اللهِ بأكثرَ مِن رغبتِهم إلى اللهِ سبحانه وتعالى، وبِقدرِ ما نُرسِخُ هذا المبدأَ العظيمَ عقيدةً وإيماناً ووجداناً وشعوراً بِقدرِ ما نكونُ مُتحررين من قوى الطاغوتِ والاستكبارِ، وبِقدرِ ما نكونُ أقوياءَ في رَفضِ كلِ آلهةٍ مُصطنَعةٍ من قوى الطاغوتِ من البشرِ ومن الحَجرِ ومن كلِ الأشكالِ المُزيفةِ التي تسعى أو يَسعى الآخرون إلى فَرضِها علينا.

عندما كانَ أنبياءُ الله وأولياؤه الصادقون أقوياءَ جداً في مواجهةِ الطاغوتِ والاستكبارِ واتجهوا لتحريرِ البشريةِ من العُبوديةِ لقوى الطاغوتِ كانوا أقوياءَ بِقدرِ قوةِ إيمانِهم بهذا المبدأِ الإلهي العظيمِ، بقدرِ ما فَصَلَوا أنفسَهم كُلياً عن تلك الآلهةِ المُزيفة من الطاغوتِ ومن المُجرمين مِن المُضلِّين من المُستكبرين، وانطلقوا أقوياءَ لا تؤثرُ فيهم المخاوفُ من الآخرين ولا يُؤثر فِيهم الترغيبُ ولا يُؤثر فيهم الأطماعُ من الآخرين.

اليومَ في ساحتنِا الإسلاميةِ، ما الذي يُضعِفُ الكثيرَ مِنّا أمامَ قوى الطاغوتِ والاستكبارِ فيخافونَهم أكثرَ مِن خَوفهِم مِن اللهِ؟ ويرغبُ إليهم البعضُ بأكثرَ مما يرغبُ في ما وَعدَ اللهُ بهِ سبحانه وتعالى، وبالتالي يَخنعُ لهم ويَخضعُ لهم ويَستعبدونه؟، إلا ضَعفٌ في استيعابِ هذا المبدأ المُهمِ.

ولأهميةِ هذا المبدأِ العظيمِ وَردَ في القرآنِ الكريم قولُ اللهِ سبحانه وتعالى مُخاطِباً لِمنْ؟ لرسولِ اللهِ صلواتُ الله عليه وعلى آلِه {فَاعلَم أَنَّهُ لا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ}(محمد من الآية 19)، عندما نَلحظُ أنَّ اللهَ يقولُ لرسولِه {فَاعلَم أَنَّهُ لا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ}، بل وهناك خِطابٌ مُتكررٌ يُشبِهُ هذا التعبيرَ في القرآنِ الكريم في ترسيخِ أُلوهيةِ اللهِ وَحده للرسولِ صلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِه وللمسلمين جميعاً وللبشريةِ بكلِها، الخطابُ للرسولِ نفسِه صلواتُ الله عليه وآله يُقدِّمُ درساً مهماً لنا أنَّهُ مَهما بلغَ إيمانُك فلستَ مُستغنياً عن المزيدِ والمزيدِ من السَعي لترسيخِ هذا المبدأ، المَسارُ الإيماني بكلِه هو يُرسِّخُ هذا المبدأ، وكلَّما ترسَّخَ أكثرَ حرَّرَ الإنسانَ عن كلِ أشكالِ الآلهةِ المُصطَنعةِ ومنها هوى النفس، ومنها هوى النفس، وساعدَهُ ليكونَ مستقيماً على نهجِ اللهِ أكثر، وتحررَ من كلِ المؤثراتِ الأخرى أكثرَ وأكثر.

فالمسيرةُ الإيمانيةُ بكلِها مَهما بَلَغتْ مَراتبُ الإيمانِ لدى الإنسانِ لا يستغني أبداً عن ترسيخِ هذا المبدأ، يحتاجُ إلى ترسيخِه دائماً ودائماً ودائماً، وتجدُ أنَّ الخطابَ يُوجَّهُ حتى إلى النبي نفسِه صلواتُ الله عليه وعلى آله، وأيضاً مُخاطَب {لا تَجعَل مَعَ اللَّهِ إِلٰهًا آخَرَ} وهو الأبعدُ عن أن يكونَ على هذا النحو أن يَتخِذَ إلهاً آخرَ، ولكن في هذا درسٌ مهمٌ حتى لنا نحن.

مَرَّ بنا أيضاً الإشارةُ إلى ضَعفِ كلِ الذين ينحون هذا المنحى من الانحرافِ الرهيبِ جداً في اتخاذِ آلهةٍ أخرى، وينبغي لنا أنْ ننظُرَ إليهم أنَّهم في دائرةِ الضَعفِ والخُذلانِ مَهما بلَغتْ إمكاناتُهم وقُدراتُهم، هذا يعُطينا قوةً في التصدي لقوى الطاغوتِ والاستكبارِ والإصرارِ على التحررِ من العبوديةِ لها ومِن الخنوعِ لها، أنها ضعيفةٌ هيَ، وأننا باللهِ أقوياء كُلما وصلنا حَبلَنا بحبلِه، وانطلقنا على أساسِ هذا المبدأ العظيمِ والمُهم.

مرَّ بنا الحديثُ عن الإحسانِ بالوالدين، حتى “الباء” بدلاً مِن “إلى”، بدلاً من الإحسانِ إلى الوالدين الإحسان بالوالدين، فيهِ تأكيدٌ كبيرٌ كما قُلنا على هذا العنوان كعنوانٍ يَحكمُ العلاقةَ العلاقةَ ما بينَنا وما بينَ الوالدين، ما بينَك وبين أمِك وأبيك، أنْ تُحسِنَ بِهما إحسانا مُباشراً إليهما في التعاملِ وفي التخاطبِ وفي الكلامِ وفي القولِ الكريم وفي كلِ الحالاتِ والظروفِ، وهُما في حالةِ الانفعال أو هُما في حالةٍ باتَ أحدُهما أو كلاهما طاعِناً في السِنِّ يحتاجُ إلى الرعايةِ، أنَّه لا يجوزُ لكَ أن تَهجرَهُما أو تَزجِرَهُما أو تَنهرَهُما، أو أنْ تتخاطبَ معَهما بطريقةٍ غيرِ مُؤدبةٍ أو غيرِ محُترمة، أنَّه لا بدَّ أن تتعاملَ معهم بمزيدٍ من الاحترامِ والتقدير والتكريم، ويفيدُ أيضاً قولُ اللهِ سبحانه وتعالى {وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا}(الإسراء من الآية 23)، أي أنَّه ينبغي على الإنسانِ أن يكونَ مُبادِرَاً للتخاطبِ معهما بالقولِ الكريم، أي لو تعاملَ الإنسانُ معهما معاملةً عاديةً فلَمْ يُسئ إليهِما ولكن في الوقتِ نفسِه لَمُ يُحسِنُ أو سَكتَ لا يتحدثُ معهما وهَجَرَهُما بالكلامِ يكونُ ذلك معصيةً، لا بدَّ أن يبادرَ، أن يُحِسَا منه بالاحترامِ والتقدير والقولِ الكريم والتخاطبِ المحترم، وأن يدعوَ اللهَ لهما في الدنيا أي في حياتِهما، وما بعدَ حياتِهما، إذا كان قد تُوفيا أو تُوفيَ أحدُهما {وَقُل رَبِّ ارحَمهُما}(الإسراء من الآية 24)، أن يدعوَ الإنسانُ لهما بالرحمةِ وأن يستغفِرَ لهما {كما ربياني صغيرا} وأن يستشعرَ الإنسانُ أيضاً حَنانهما وإحسانَهما إليه.

نتحدثُ اليومَ على ضوءِ قولِ اللهِ جلَّ شأنُه {وَآتِ ذَا القُربىٰ حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًا *إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ ۖ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا}(الإسراء ـ 26،27). نَجِدُ أنَّ القرآنَ الكريمَ يَنظِمُ عَلاقتَنا كمجتمعٍ مُسلمٍ بدءاً مِن مُحيطِنا الأسري داخلَ الأسرةِ في العَلاقةِ مع الوالدين، ثم في مُحيطك الأسري الأقرب، {ذَا القُربىٰ}، ثم الفئاتِ الاجتماعيةِ البائسةِ والمُعانيةِ في هذا المجتمعِ، ويَجعلُ من الرَحمةِ ومن الإحسانِ قاعدةً أساسيةً لهذهِ العَلاقة ولهذا التعاملِ، وهذا ما يجبُ أن نتربَى عليهِ كمجتمعٍ مُسلم، وأن نحرِصَ عليه كمجتمعٍ مسلم، وأن نُجسّدَه في أخلاقياتنا وسلوكياتِنا ومعاملاتِنا كمجتمعٍ مسلم، أنت بدءاً من المَنزلِ في علاقتِك مع أبيك وأمِك كيفَ تكونُ على هذا النحوِ من الإحسانِ من الرَحمةِ من القولِ الكريمِ من التخاطبِ السليمِ من التعاملِ المحترمِ، ثمَّ مع مُحيطِك الأسري الأقربَ فالأقرَب، في تعاملِك مع أبنائِك كيف تكونُ على هذا النحو في التعاملِ المُعتمدِ على الإحسانِ والرحمةِ والقولِ الميسورِ والخطابِ الكريمِ والتعاملِ السليمِ، ثم في المجتمعِ من حولِك، ثمَ كيفَ تكونُ الرحمة إلى تلك الفئاتِ التي إن أُهمِلَتْ يكونُ لإهمالِها آثارٌ سلبيةٌ جداً، مسألةُ المسكين ومسألةُ ابنِ السبيل، فئاتٌ من المجتمعِ تحتاجُ إلى أن نتعاملَ معها بالرحمةِ، وأن ننظرَ إليها بعينِ الرأفة، وأن نتعاطفَ معها، وأن نشاركَها همَّها، وأن نُحسِنَ إليها، أن لا ننساها، ثم نأتي أيضاً إلى النظرةِ في الالتزاماتِ المالية، وهذا يُعطينا نظرةً إلى الجانبِ المالي، كيف هي النظرةُ الإسلاميةُ، في الإسلامِ في الدِينِ الإسلامي إلى الجانبِ المالي.

الجانبُ المالي هو نعمةٌ، والمالُ هو نعمة، والمالُ هو قيامٌ للحياةِ، تقومُ عليه الحياة، ونقصِدُ هنا بالمالِ أي ما يَتمولُ به الناسُ سواءً الأشياءَ العينية أو النقدية أو غيرها، ما هو مُرتفَقٌ لَهم تقومُ عليه حياتُهم، هذا الجانبُ يُقدِّمُ الإسلامُ النظرةَ إليهِ ـ من عَينِ المسؤوليةِ وبعينِ المسؤوليةِ ومن واقع المسؤولية ـ أنَّه جانبٌ ترتبطُ به مسؤولياتٌ متعددة، وعلينا أن نلحظَ ذلك، أنْ لا نتعاملَ بشكلٍ مُنفصلٍ فننظرَ إلى المالِ أنّه وسيلةٌ للثروةِ وللجشعِ وللطمعِ وللترَفِ، وتغيبُ عن ذهنياتِنا وعن تفكيرِنا وعن اهتماماتِنا المسؤولياتُ المتعلقةُ بالمالِ المتعلقةُ بهذهِ الإمكاناتِ التي يَمُنُ اللهُ بها علينا في الحياة ونَكسِبُها في الحياةِ بفضلِه ومنِّه وكَرمِه.

{وَآتِ ذَا القُربىٰ حَقَّهُ} لينبهَ وليؤكدَ وليُبينَ أنّ هناك حقوقٌ فيما لديك من مالٍ، حقوقٌ لآخرين، أي هذا المال هو أولاً للِه ومِن اللهِ سبحانه وتعالى {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }(النحل من الآية 53)، وهو عندما أنعمَ به عليك ومكَّنكَ جَعلَ في ما مكَّنك فيهِ وأنعمَ به عليك حقوقاً جَعلَها هوَ، وهوَ المالِكُ لكَ وما بيدِك وللسماواتِ والأرضِ، وما بكَ من نِعمةٍ إنّما هي مِنهُ جلَّ شأنُه، جَعلَ فيه حقاً ثابتاً، إذا أكلْتَ هذا الحَقَ، إذا لم تُعطِ هذا الحقَ أصحابَهُ تُعتبرُ خائِناً في ما أعطاكَ اللهُ وفي ما مَكَّنك الله، وتُعتبرُ مُعتديا وتُعتبر متجاوزاً وتُعتبر لصاً سَرقتَ ما هو للآخرين.

وتبدأً هذه الحقوقُ بِدءاً من حُقوق ذوي القربى، هناك حقوقٌ متصلةٌ بذوي القربى يدخلُ فيها عناوينُ متعددةٌ، منها رعايةُ القريبِ المُعسِر بالقدرِ الضروري والمُمكن، قد يكونُ ابنُك مُعسِراً، قد يكونُ أحدٌ من أقربائِك مُعسِرا جداً وأنت مَيسورُ الحال، لا تتفرجْ عليهِ، لا تتركْه جائعاً وأنت شبعان، لا تتركْه يعاني، يعاني في مَعيشتِه وفي الحصولِ على لقمةِ عيَشِه، ولا تساهمْ مَعه ولا تساعدْه وأنت ميسورٌ، لا بدَّ أن تساعدَه.

كذلك في صِلةِ الأرحامِ عنوانٌ آخر، عنوانٌ آخر مُهمٌ جداً ويَدخلُ في هذا الأمرِ الإلهي {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} هو المواريث، وبالدرجةِ الأولى مواريثُ النساء التي يُضيّعُها الكثيرُ من الناسِ للأسفِ الشديد، ولربّما من أكبرِ المَظالمِ المنتشرةِ في مُجتمعِنا الإسلامي هو أكلُ إرثِ النِساء، النساءُ لهنَّ حقُهنَّ من الإرثِ الذي أكدَّ عليهِ القرآنُ الكريمُ في قولِ اللهِ جَلَّ شأنُه {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}(النساء ـ 7)، يؤكدُ عليهِ، فأتى في الآيةِ المباركة الأمرُ أو التأكيدُ، أتى التأكيدُ على نصيبِ النساءِ من التَرِكَةِ من الإرثِ وبعبارةٍ واضحةٍ جداً ومُؤكدَة {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}، ويأتي تأكيدٌ أكثرُ {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ}، ويأتي تأكيدٌ أكثر {نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} فمَا الذي يحدثُ لدى الكثيرِ من الناسِ في مُجتمعِنا المُسلم؟! كأنَّ الآيةَ قالت “نصيباً مَرْفوضا”، يرفضون ذلك ويتجاهلون ذلك، والكثيرُ للأسف يأكلُ إرثَ قريبتِه إرثَ أختِه في أكثرِ الأحوالِ إرثِ الأخواتِ، الكثيرُ يأكلُ إرثَ أختِه، والقضيةُ خطيرةٌ جدا، لأنه سُحتٌ وحَرام، والإنسانُ عندما يتجاهلُ هذا الموضوع وعندما يُسيطر على إرثِ قريبتِه ويأكلُه يدخلُ في قولِ الله تعالى {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا}(الفجر ـ 19)، يدخلُ أيضاً في التعدي لحدودِ الله، لأنَّ اللهَ جلَّ شأنُه في سورةِ النساءِ عندما ذَكَرَ الإرثَ بشكلٍ تفصيلي وحَدَّدَ نسبةَ المواريثِ لكلِ وارثٍ من الوَرثةِ الأساسيين خَتمَ تلكَ الآياتِ المباركةَ بآيتين مُهمتين جداً، قال جلَّ شأنُه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} حدّد كم للبنت وكم للأخت وكم للأخ كم للأب وكم للأم وكم للأخوة، حدود واضحة حدّد حدودا واضحة، ثم قال جلَّ شأنُه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}(النساء ـ من الآية 13)، اللهُ هو الذي حدّدها ثم يقول {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في السِياقِ نفسِه {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ}، لاحظوا وركزوا بانتباهكم {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} فتعتبرُ المسألةُ خطيرةً جدا، يُعتبر أكلُ إرثِ القريبةِ إرثِ الأختِ أو إرثِ غيرِها من الأرحامِ ممّن لها إرثٌ يُعتبر تعدياً لحدودِ اللهِ يَدخلُ الإنسانُ بسببِه في هذا الوعيدِ الإلهي {يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}(النساء ـ من الآية 14)، ولا تُقبلُ مِنهُ أعمالُهُ الأخرى، لا صلاتُك مقبولةٌ، ولا صيامُك مقبولٌ، ولا أيُ شيئٍ آخرُ أبداً، لا الصلاةُ تُقبلُ ولا الصيامُ ولا غيرُه، فالمسألةُ خطيرةٌ جداً على الإنسان، والكثيرُ مِن المُهمِ لهم أن يتخلصوا من هذه المشكلةِ قبلَ فواتِ الآوان، قبل أن يرحلوا بهذا الوِزرِ، وأن يخرجُوا من الحياةِ مُحمّلِين بهذا الإثم.

أيضا مما يدخلُ في ذلك المُهور التي للنساءِ والتي يأكلُها البعضُ أيضاً، الآباءُ كثيرٌ منهم يأكلُ مَهرَ ابنتِه يُزوجها وكأنّها سِلعةٌ يَحرِصُ على أن يستلمَ فيها ثمناً كبيراً ومبلغاً جيداً ثم يقومُ بأكلِه كلِه، وهذه أيضا قضيةٌ خطيرةٌ جداً، وظُلمُ ذوي الأرحامِ ظلمُ القرَابةِ خطيرٌ جداً، مِن الظُلمِ السيئ، وقضيةٌ خطيرةٌ على الناس، قضيةٌ خطيرةٌ عليهم لا ينبغي أبداً أن يصِلَ إنسانٌ إلى هذه الدرجةِ، الإنسانُ يُفترَضُ أن يكونَ حريصاً على العطاءِ وعلى البَذلِ وعلى الإحسانِ وليس جَشِعاً إلى هذه الدرجةِ التي سيأكلُ فيها مَهرَ ابنتِه أو مَهرَ أختِه أو قريبتِه أو إرثَها، يتعدَّى على حقوقِ النساء، لا ينبغي أبداً، والنتيجةُ هي الإثمُ، هي الإثم، هي الوقوعُ في الوِزر، هي تَحمُّلُ الحرام، وإثمُ وتَبعاتُ أكلِ الحرامِ، قضيةٌ خطيرةٌ جداً على الإنسانِ تُبطِلُ أعمالَه وتُسببُ له الدخولَ في نارِ جَهنّم.

أيضا أموالُ اليتامى، وأموالُ اليتامى قضيةٌ مهمة أكدَّ عليها القرآنُ الكريم كثيرا، والبعضُ يأكلُ مِن أموالِ أقربائِه اليتامى، البعضُ يكونُ له أخٌ، ثم يتوفى أو يستشهد فيحاولَ أن يأخذَ مِن أموالِ أخيهِ أو أن يَتبدَّلَ الخبيثَ بالطيّبِ، وهي قضية خطيرة جدا، {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}(النساء ـ من الآية 10)، وعيدٌ وتهديدٌ شديدٌ في القرآن الكريم.

وغيرُ ذلك تدخلُ أشياءٌ كثيرةٌ في هذا السياق، البعضُ كذلك يكونُ له إخوةٌ صِغار ويحاولُ أن يأكُلَ حقَهم من الإرثِ أو بعضاً مِنه أو أن يُخادعَ في ذلك أو يُغالط.

فاللهُ جلَّ شأنُه يقول {وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}(الإسراء ـ من الآية 26)، المسكينُ كذلك، المساكينُ، الفقراء الذين يعُانون من الفقِر المُدقِعِ، والبُؤسِ الشديد هُم بحاجةٍ إلى التفاتةٍ ورعايةٍ وإحسانٍ، ولَهُم حق، الحقُ أولاً في الزكاة، وهي العنوانُ الأول في هذه الحقوق، والزكاةُ رُكنٌ عظيمٌ من أركانِ الإسلامِ وفريضةٌ مهمةٌ جداً من فرائضِ اللهِ سبحانه وتعالى، الإخلالُ بها يُدَّمُرُ دينَكَ بكلِه، ولا يَقبلُ اللهُ منك أيَ عَملٍ من الأعمالِ أبدا إذا كُنتَ مُخلِّاً بهذا الركنِ وقد لَزِمَك، لديكَ من الأموالِ ما لَزِمَتْ فيها الزكاةُ ثم لمْ تُزكِ، أو أخرجتَها في غيرِ مَصارفِها، فعليكَ مسؤوليةٌ أمامَ اللهِ، وأعمالُك بكلِها غيرُ مقبولةٍ نهائياً، حتى الصلاة، “لا تُقبَلُ صلاةٌ إلا بزكاةٍ”، هذا حديثٌ رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وآلِه وهو يتوافقُ مع قولِ اللهِ تعالى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}( المائدة ـ من الآية 27)، فالمسألةُ خطيرةٌ والمسألةُ مهمةٌ جداً والمسألةُ حسَّاسةٌ للغاية.

أيضا هناك تقصيرٌ كبيرٌ في مَسألةِ الزكاة، كثيرٌ من الناسِ يأكلونها أو يأكلونَ قَدراً مِنها، لا يُخرجون الزكاةَ بكلِها، والبعضُ أيضا يُخرجها في غيرِ مَصارفِها الشرعيةِ، وكمَا لم يُخرجْها عندما يُخرِجُها إلى غيرِ مَصارفِها الشرعية، بل البعضُ يُخرجها إلى حيثُ يأثَم، مثلاً البعضُ يُسلِّمُها لجمعياتٍ من التابعةِ للتكفيريين التي تعملُ لصالحِ الاستقطابِ لهم ودَعمِ أنشطتِهم الإجرامية، يُصبحُ بسببِ ما أخرَجَهُ باسمِ الزكاةِ شريكاً في كلِ الدماءِ المَسفوكةِ ظُلماً والجرائمِ الفظيعةِ التي يرتكبُها التكفيريون، مسألةٌ خطيرةٌ للغايةِ جداً، وكلُ أنشطتِهم التضليلية، يُشاركُ في الدماءِ ويشاركُ في التضليلِ ويشاركُ في كوارثَ وجرائمَ كبيرةٍ جداً، يصبحُ شريكاً بذلك فيها، فمسألةُ الزكاةِ مسألةٌ مهمةٌ جداً، هي من فَرائضِ اللهِ الرئيسيةِ والمُهمة والأركانِ الأساسيةِ لهذا الإسلام، واللهُ سبحانه وتعالى أكدَّ على إخراجِها كثيرا، {وَآتُوا الزَّكَاةَ}(البقرة ـ من الآية 43)، {وَآتُوا الزَّكَاةَ}(النور ـ من الآية 56)، وقرَنَها بالصلاةِ في أكثرِ الآياتِ المباركةِ لتكونَ قرينةً لها وفي مستواها مِن الأهمية، وأكدَّ أيضاً على أن يكونَ إخراجُها إيتاءاً، أن تُبادِرَ أنت، لا يليقُ بالإنسانِ وليس من علامةِ الإيمان أبداً أن لا يُخرِجَ الزكاةَ إلا إجباراً أو بِملاحقَة، أو بمتابَعةٍ حثيثةٍ جدا، وعندما يُخرجها يُخرجها كَرْهاً وكأنّها رُوحُه ستُزْهَق، كأنك ستنتزعُ منه روحَه وحياتَه، بالكادِ يُخرجُها، وهو مستاءٌ جداً ومعُقّدٌ جداً، هذه ليست حالةً إيمانيةً وقد لا تكونُ مقبولةً عندَ الله سبحانه وتعالى، قد تُجزي لكن قد لا تكونُ مقبولةً، تُجزي في الحُكمِ الشَرعي، لكن مسألةَ القبولِ عندما تُخرجُها كَرهاً بغيرِ رِضاً وبغيرِ إرادةٍ وإنّما اُنتزعتْ منكَ وكأنَّ روحَك اُنتزعتْ مِن بين جَنبيك هذه حالةٌ سلبيةٌ، أينَ ستكونُ آثارُها في تَطهرةِ النفسِ وفي تَزكيةِ النفس!؟.

مِن أهمِ ما يُستفاد من الزكاةِ ـ في الجانبِ التربوي ـ هذا الأثرُ المهمُ الذي نحتاجُ إليهِ كمسلمين لتطهرةِ النفوسِ ولتزكيةِ النفوس، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}(التوبة ـ من الآية 103)، نحتاجُ إلى ما يُطّهِرُ نفوسَنا، نحتاجُ إلى ما يُزكي نفوسَنا ويُطّهِرُ قلوبَنا ومَشاعرَنا، والزكاةُ تؤدي هذا الدورَ، تُعالِجُك من الشُحِّ، تُعالِجُكَ من الحِرصِ والجشعِ والطمعِ والهلعِ، تُروضُك على العطاءِ والبَذلِ والإحسان، تُنمي فيك الشعورَ الإنسانيَ تجاهَ الآخرين، والرحمةَ بالآخرين، تُخلصُكَ من الأنانيةِ المُفرطةِ التي لا تفُكر فيها إلا بنفسِك، لتفكرَ بالآخرين من حولِك، درسٌ مهمٌ وأثرٌ تربويٌ عظيمٌ ومهمٌ للزكاةِ في النفوسِ في الوجدانِ في المشاعر.

وكذلك على مستوى العلاقةِ الاجتماعيةِ تُحافظُ على العَلاقةِ الاجتماعيةِ بينَ أبناءِ المجتمعِ المسلم، تَحدُ من حالةِ الكراهيةِ والبغضاء، الفقيرُ عندما يعيشُ في وسطٍ يَرى فيه أنّه لا أحدَ يُبالي بهِ ولا يكترثُ لحالِه ولا يلتفتُ لبؤسِه، يرى الأغنياءَ هنا وهناك ويرى المَيسورين هنا وهناك يأكلونَ ويرتاحونَ ويتنعَّمون ويتقلَّبون في النِعمِ ولا يلحظونَ وضعيتَه وظُروفَه ومُعاناتِه وهو يَحمِلُ همَّ توفيرِ لُقمةِ العَيشِ لأسرتِه، كيفَ ستكونُ نظرتُهُ إليهم وهو يَراهم على ما هُم عليهِ من القسوةِ والفظاظةِ والغِلظةِ وكأنَّهم وحوشٌ لا يمتلكون الرحمةَ تجاهَ معاناتِه، حِينها سينظرُ إليهم بكراهيةٍ، باستياءٍ، بلْ في ظروفِنا ـ كمجتمعٍ مسلمٍ نُعاني من حروبٍ، حروبٍ عسكريةٍ وحروبٍ اقتصاديةٍ وتنتشرُ حالةُ البؤسِ والفقرِ والحِرمانِ ـ نحتاجُ إلى هذه الرحمةِ فيما بيننا، إلى هذه الالتفاتةِ، وإلا أصبحَ أمامَك سلبياتٌ كبيرةٌ جدا، إذا لمْ نُبادرْ بالعطاءِ بالزكاةِ وبغيرِ الزكاةِ ندخل في سلبياتٍ خطيرةٍ جداً، تتفككُ مجتمعاتُنا، تتنافرُ فيما بينها، وفي الوقتِ نفسِه يستغلُ هذا الوضعَ أعداؤنا، تأتي المنظماتُ الأجنبيةُ لِتقدَّمَ صورةً مختلفةً باسمِ المعوناتِ الإنسانيةِ والسّلاتِ الغذائيةِ، يأتي النَصراني ويأتي البُوذي ويأتي الوثني ويأتي اليهودي من أطرافِ الدنيا باسم أنَّه يُريدُ أنْ يُقدمَ إحساناً، أنْ يُقدِّمَ سَلَّاتٍ غذائيةً أو مَعوناتٍ أو اهتماماتٍ وأنشطةً إنسانيةً في مُجتمعِك أنتَ الُمسلم، ويرى هذا المُسلمُ أنَّ أبناءَ مُجتمعِه من الأغنياءِ والتُجارِ والميسورين لمْ يلتفتوا إليه، إنما أتى إليهِ يهوديٌ من طَرفِ الأرضِ أو وثني أو نَصراني، يقولُ في الأخيرِ “هؤلاء همُ اليهودُ هؤلاء همُ الذين لا يصلحون، أمَّا ذاك اُنظر كيف فكَّرَ بي، وكيف أتى إليَّ وكيف اهتمَ بي”، تنعكسُ نظرةً إيجابيةً إلى العدوِ، وهو العدوُ الذي أتى بهدفِ أن يَكسِبَ هذه النظرةَ، وأتى لأهدافٍ كثيرة، لتعطيلِ مجتمعِنا من الإنتاجِ وتحويلِه إلى مجتمعٍ مُتسولٍ، وأهدافٍ أخرى.

فنحنُ في واقعِنا الاجتماعي للحفاظِ على العَلاقةِ الاجتماعيةِ يجبُ أن نُرَكِزَ على الزكاةِ وعلى سائرِ الحقوقِ، والإحسانِ إلى الفقراءِ البائسين والمساكين والمعانين، والنازحين والمنقطعين عن مناطقِهم ممّن يحتاجون إلى هذه الرعايةِ وهذه الالتفاتةِ وهذا الإحسانِ، وإلا انتشرتْ آفاتٌ أخرى، تنتشرُ السرقةُ، تنتشرُ عملياتُ النَهبِ والسطو، تنتشرُ سلبياتٌ أخرى، شِراءُ الذِمم، الجريمةُ المنظمةُ، المُخدِرات، آفاتٌ كثيرةٌ، “كادَ الفقرُ أنْ يكونَ كُفراً”، إذا لمْ يكُن هناك انتباهٌ واهتمامٌ بالفقراءِ فالبعضُ قد لا يتحمَّل، بؤسُه وفقرُه وحرمانُه يدفعُه إلى ارتكابِ الجرائمِ أو يدفعُه إلى السرقةِ أو النهبِ أو السطوِ أو أي أسلوبٍ آخر، أو أن يعملَ كعميلٍ للأعداءِ فيرتكبَ أبشعَ الجرائمِ مُقابلَ مبالغَ ماليةٍ يحصلُ عليها مِنهم، فالاهتمامُ بالفقراءِ الاهتمامُ بالمساكين والبائسين والنازحين والمنقطعين عن مناطقِهم لهُ أهميةٌ كبيرةٌ حتى في الحفاظِ على الأمنِ والاستقرارِ والسكينةِ العامةِ والعلاقاتِ الاجتماعيةِ والمَحبةِ والرحمةِ التي ينبغي أن تسودَ مجتمعنَا المسلم، {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(الإسراء ـ من الآية 26).

سيكونُ لنا حديثٌ مهمٌ وواسعٌ إن شاءَ الله فيما يتعلقُ بمسألةِ التبذيرِ وما يتعلقُ بهِ في المحاضرةِ القادمةِ.

نكتفي بهذا القدر، ونسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يُوفقَنا وإياكم لما يُرضيهِ عنّا، وأن يرحمَ شهدائَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جَرحانا، وأن يُفرِّج عن أسْرَانا، وأن ينصرَنا بنصرِه، إنه سميعُ الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه